مالية منظمات المجتمع المدني (سؤال النجاعة والفعالية)

منذ تسعينيات القرن الماضي سُجل ارتفاع هام في عدد الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، وتطور في أدائها وقدراتها، وتنوع في أدوارها، وتعدد في مجالات تأثيرها. وبات من الصعب تجاهل مكانة منظمات المجتمع المدني باعتبارها فاعل وشريك أساسي في قضايا الشأن العام من خلال الأدوار التي أصبحت تضطلع بها للمساهمة في إعداد وتفعيل وتقييم السياسات العمومية. امتد الاهتمام بمنظمات المجتمع المدني وانتشر على المستوى المحلي والاقليمي والدولي. ويعزى ذلك لتطور الرؤى فيما يتعلق بهذا الفاعل، الذي أصبح وجوده مطلباً أساسياً لتحقيق الرفاه والتنمية ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. ليس خاف على أحد مكانة العمل المدني في عصرنا، كونه يكرس الممارسات الديمقراطية، ويشجع مشاركة المواطنين، ويخلق مناخاً يقوي مسألة ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويعزز لمساءلة أكبر للحكومة سواء داخليا أو خارجيا، حيث استطاعت منظمات المجتمع المدني إيصال صوتها على الساحة الدولية في كثير من المؤتمرات الدولية. يقتضي نضج أدوار منظمات المجتمع المدني، توفرها على الموارد المالية حتى يتسنى لها الاضطلاع وتحقيق سياسة القرب، الرامية إلى محاربة الفقر وتحسين ظروف عيش المواطنين في وضعية هشة أو صعبة، وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل، وتطوير البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية، وكذا إسهامها في تطوير البيئة القانونية الداعمة للنهوض بالأدوار المنوطة بها، ولصد والحد من انتهاكات حقوق المنظمات، ولامتلاك بيئة قانونية قوية، وضامنة لحقوقها العالمية والدستورية. تعاني معظم منظمات المجتمع المدني من إشكالية التمويل حيث يسجل نقص في الموارد المالية المتاحة لهذه المنظمات الأمر الذي يحد من إمكانياتها ويجعلها غير قادرة على القيام بالدور المناط بها. لا يمكننا الحديث عن نجاعة وفعالية أدوار منظمات المجتمع المدني، ومدى إسهامها في تجويد السياسات العمومية دون موارد مالية لتغطية تكاليف قيامها بأدوارها ووظائفها. يسعى هذا البحث إلى تسليط الضوء على موقع مالية منظمات المجتمع المدني في التشريع المغربي ومقارنته ببعض التشريعات العربية. للتعرف على طبيعة ومصدر التمويل المالي لهذه المنظمات، ومدى قدرته وإسهامه للقيام بأدوارها.