
وظـائـف الــنـقـود (دراسة نقدية لأقوال الباحثين المعاصرين)
Author(s) -
عبد اللطيف الخيالي
Publication year - 2021
Publication title -
al-mağallaẗ al-duwaliyyaẗ li-našr al-buḥūṯ wa-al-dirāsāt
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
ISSN - 2709-7064
DOI - 10.52133/ijrsp.v2.21.5
Subject(s) - medicine
يرى جمهور المعاصرين الذين كتبوا في الاقتصاد الإسلامي، وكذلك جمهور الباحثين الغربيين، أن للنقود عند الاقتصاديين أربع وظائف: أنها وسيط للتبادل، ومعيار للقيم، ومخزن للقيم، وقاعدة للمدفوعات المؤجلة، ومنهم من جعلها ثلاث، حيث ألغى الوظيفة الأخيرة. لكن عند البحث في تاريخ الاقتصاد والنظريات الاقتصادية، نجد أن عددا من المدارس الاقتصادية حددت وظائف النقود في كونها وسيطا للتبادل، ومعيارا للقيم، لا غير، وهو ما قاله جمهور فقهاء الإسلام القدامى. كما أن أغلب الاقتصاديين لا يقولون بكون النقود قاعدة للمدفوعات المؤجلة. وبالتالي فإن موضوع وظائف النقود يحتاج إلى إعادة النظر والدراسة والبحث، نظرا لما للنقود من أهمية في الاقتصاد، خاصة في عصرنا الحاضر. كما أن هذا الموضوع رغم أهميته لم يحظ بما يستحقه من دراسة، ولا تكاد تجد كتابا أو بحثا معمقا تطرق إلى هذا الموضوع من مختلف جوانبه، رغم وجود العديد من المؤلفات في موضوع النقود -كما سنرى ذلك من خلال المراجع- كما أن الاختلاف في وظائف النقود عند المدارس الاقتصادية الغربية كان له الدور البارز في التأثير على عدد من النظريات الاقتصادية، كما هو الحال عند كل من المدرسة الكلاسيكية والمدرسة الكنزية. يأتي هذا البحث لتسليط الضوء على هذه المسألة لعله يفتح تساؤلات أخرى ويكون دافعا لبحوث أخرى في هذا الموضوع، حيث عرضت أقوال الفقهاء والباحثين في الاقتصاد الإسلامي كما هي موجودة في كتبهم، بخصوص وظائف النقود، ثم أقوال عدد من المدارس الاقتصادية وبينت أن المُسلًم به بين الاقتصاديين هو وظيفتين لا غير "وسيط للتبادل"، و"معيار للقيم"، أما الوظيفتين المتبقيتين فلم تعتبرهما المدرستين الكلاسيكية والاشتراكية وغيرهما. بعد ذلك ذكرت أقوال الفقهاء القدامى بخصوص النقود ووظائفها، حيث كان لهم السبق إلى ما توصلت إليه المدرستين المذكورتين آنفا. لقد قدمت عددا من الأدلة تثبت أن عبارة "وظائف النقود عند الاقتصاديين أربع أو ثلاث" غير صحيحة إطلاقا، وبالتالي إعادة النظر في كون النقود "مخزن للقيم"، لأن ذلك نشجع على تكنيز النقود، وهو ما يعني محاربة الاستثمار والمساهمة في انتشار البطالة - هو ما سيكون موضع بحث في ورقة تالية بحول الله تحت عنوان "حكم تكنيز الأموال على ضوء مقاصد الشريعة وأقوال أهل الاختصاص من الاقتصاديين – فهذه الورقة مرتبطة بالتي ستليها وممهدة لها. إن الحل - ربما الوحيد - لما يتخبط فيه الاقتصاد من مشاكل - وما ينتج عن ذلك من بطالة وكوارث اجتماعية، وفقدان السلم والأمن الاجتماعيين – يكمن في تشجيع الاستثمار، وتوفير العيش الكريم لأفراد المجتمعات، ولن يتم ذلك إلا بتوفير السيولة ومحاربة الاكتناز، وهو ما شجعت عليه الشريعة الإسلامية. إن موضوع هذا البحث – حسب رأيي المتواضع - يعتبر لبنة أو شرارة لا بد منها لإشاعة نور الانعتاق من قيود عبودية الدرهم والدينار، والانطلاق نحو عالم الرفاهية والكرامة والأمن والله الموفق.