العمران المكي المعاصر: إشكالات ثقافية وحضرية

يصعب دائما الإلمام بعمارة مكان ما والجوانب الثقافية الخاصة بها، ذلك أن المنتج العمراني هو انعكاس مباشر للمجتمع الذي يعيش في هذا المكان، وعندما تكون الدراسة لمدن مهمة ومؤثرة على مستوى التاريخ الانساني تصبح المهمة مستحيلة كون شخصية العمارة في هذه الحالة تصبح واسعة وإنسانية، ولعل هذا ما يواجه إي دراسة لعمارة مكة المكرمة، إذ إن تحدي المحلي/الكوني أو الانساني يمثل مفصل أساسي في أي دراسة نقدية لعمارة المدينة المقدسة، لذلك فإننا نرى أن هذه الدراسة ما هي إلا محاولة لتسليط الضوء على بعض الجوانب الفكرية التي مرت بها عمارة مكة المعاصرة. وستحتوي الدراسة على قسمين أحدهما يستعرض بإيجاز بعض التحولات والمفاصل الفكرية والثقافية التي مرت بها العمارة في مكة وتبعات تلك التحولات سواء من الناحية الحضرية الوظيفية أو من ناحية تأثير تلك التحولات على شخصية مكة البصرية. أما القسم الآخر فيركز على المشاكل الحضرية التي تعاني منها مكة في الوقت الحالي والمشاريع الكبرى التي تجرى حاليا وتحاول أن تتعامل مع تلك المشاكل. وبشكل عام لا تبحث الدراسة في عمارة المسجد الحرام ولا التوسعات المتتابعة التي مر بها وذلك لوجود دراسات عدة أجريت حول الموضوع لكنها لا تستبعد تأثير عمارة المسجد الحرام على الثقافة المعمارية المكية المعاصرة. كما أن الدراسة تركز بشكل خاص على تأثير التحولات العمرانية المتعاقبة على المسجد الحرام وحضوره البصري في الحيز الذي يقع فيه. بهذا يمكن اعتبار هذا البحث محاولة نقدية لقراءة العمارة والعمران في مكة المعاصرة على تهدف على وجه الخصوص للاستفادة والتعلم من التجربة التي مرت بها المدينة المقدسة.