قراءة في تعريف علم البيان

قد دأبنا في دراسة البلاغة العربية بالمراحل الدراسية المختلفة بما فيها المرحلة الجامعية، على التلقي والتسليم، وهو ما اضطرنا إلى الاعتماد على الحفظ؛ إذ لم يكن يغرس فينا التأمل فيما ندرسه من الشواهد، أو تحليله، ناهيك عن المناقشة أو الحوار الذي يفضي إلى اتهامنا بالتعجيز.بيد أنني -في ضوء تكرار المقررات الدراسية في البلاغة من خلال المذكرات الموسومة بــــ"المنهاج الواضح للبلاغة" التي ألفها الأستاذ حامد عوني للمرحلة الثانوية بالمعاهد الزهرية- كنت أشعر بالهوة بين تعريف علم البيان من حيث مفهومه النظري، وما يؤول إليه في طرح مباحثه تأصيلا وتفسيرا.إن هذا الشعور كان وراء هذه القراءة التي تهدف إلى محاولة الإجابة عن الأسئلة التالية، أو -على الأقل- بث روح المراجعة الجادة فيما تطرحه من إشكاليات، وهي: هل اتفق البلاغيون على الطرح الذي اقترحه السكاكي "ت 626هـ" بحسب ما آل إليه عند الخطيب القزويني "ت 739هـ" في "تلخيص المفتاح"؟ وما مدى صحة أن يكون المعنى واحدا والطرق مختلفة؟ بمعنى هل يمكن أن تتناوب أساليب التشبيه، والاستعارة بأنواعها، والمجاز المرسل، والمجاز العقلي، والكناية بحرية تامة دونما نظر إلى السياقات الخاصة، أو الفروق بين الأساليب؟ ولتحقيق هذا الهدف رأيت أن أتناول الموضوع، عند البلاغيين القدامى: السكاكي "ت 626هـ" ومن بعده ضمن كتاب شروح التلخيص، ثم البلاغيين المحدثين ضمن كتابين: أحدهما: التعبير البياني، رؤية بلاغية نقدية للدكتور محمد شفيع السيد*، وثانيهما: البلاغة التطبيقية للدكتور محمد رمضان الجربي**، ثم أختم البحث بتعقيب على ما تناولته.