مبادئ علم العلل من خلال مقدّمة كتاب "التمييز" للإمام مسلم رحمه الله

علم علل الحديث؛ هو العلم الذي يعنى بالكشف عن الأسباب الغامضة الخفية التي تقدح في الحديث وتفسد عليه صحته رغم أنه يبدو سليمًا في الظاهر، فميدان علم العلل هو الروايات، لا سيما روايات الثقات. وكتاب "التمييز" للإمام مسلم من أهم كتب العلل وأوائلها، ألّفه استجابة لمطلب أحدهم كما صرّح به، وموضوعه سرد أمثلة من أحاديث الثقات التي أخطأوا فيها، مع بيان مواضع أخطائهم وعلل أحاديثهم.  ولكنه قبل أن يبدأ في سرد الأمثلة من أحاديث الحفّاظ المعلولة، وبيان مواضع العلة فيها، قدّم لذلك بمقدّمة نافعة ثريّة، عكست أوضاع عصره، وأوضح فيها سبب حاجته لبيان مسوّغات تعليل أحاديث الثقات، بعدما عُرف استنكار ذلك من قبل بعض العوام والجهلة، كما وصفهم -رحمه الله، فتضمّنت في ثناياها المبادئ الأساسية، والأسس العلميّة الموضوعيّة التي يعتمد عليها الأئمة المحدّثون في تعليل الأحاديث. وجاء هذا البحث ليجيب عن إشكالية هي: ما المبادئ الأساسية التي يقوم عليها علم العلل وضمّنها الإمام مسلم مقدّمته ويرى أنه يجب على كل من أراد أن يفهم هذا العلم ويخوض فيه أن يَعْلَمها ويتعلّمها؟ وللإجابة عن هذه الإشكالية اتّبعت المنهج الوصفي التحليلي والمنهج الاستقرائي. وذلك بقراءة متمعّنة لمقدّمة كتاب "التمييز"، واستخراج مبادئ علم العلل التي بثّها الإمام مسلم رحمه الله فيها، مع الرجوع إلى كلام الأئمة النقّاد الذي يؤيّدها ويزيدها وضوحا.