مسلك السَّبْر في سياقه الاصطلاحي تعريفه، خصائصه، علاقاته

هذا البحث يُعنى بالدراسة المصطلحية لمسلك السَّبر عن طريق البحث في المصطلح لمعرفة واقعه الدلالي، من حيث مفهومُه، وخصائصُه المكونة له، وعلاقاته المتصلة به، ضمن مجاله الأصولي. ولتحقيق ذلك؛ سلكتُ فيه المنهج الاستقرائي ثم الوصفي ثم التحليلي، فقمتُ باستقراء تعريفات الأصوليين لمسلك السبر واستعمالاته وأسمائه، وما يتصل بذلك من نصوص، ثم صوَّرتُه تصويرًا كافيًا يبين معالمه ويشرح مضمونه، ثم حلَّلتُ ذلك تحليلًا علميًّا ببيان دلالاته ومآلاته وما يرد عليه من اعتراضات وجوابها؛ فخلصتِ الدراسة من خلال ذلك إلى نتائج؛ أهمها: أولًا: أنَّ الأصوليين استعملوا مسلك السبر في معنيين رئيسين: الأول منهما: المعنى الخاص: وهو استنباط عِلة الحكم الشرعي عن طريق الحصر والإبطال – وهو الأشهر عندهم-، وتكون وظيفته بهذا المعنى جزءًاً من عملية الاجتهاد والقياس. والثاني: المعنى العام: وهو استعمال الأصوليين لهذا المسلك بصفته طريقًا من طرق الاستدلال العامة، وتكون وظيفته بهذا المعنى نقدية حِجاجية. ثانيًا: أنَّ لمسلك السبر ألقابًاً متعددة أطلقها عليه الأصوليون وغيرهم؛ فمن ذلك: السَّبْر فقط، والتقسيم فقط، والسَّبْر والتقسيم معًا، ولقَّبه الجدليون بـ (الترديد والتقسيم)، ولقَّبه المنطقيون بـ (الشَّرْطي المنفصل)، إلى غير ذلك من الأسماء؛ لكنها ترجع في حقيقتها إلى معنى واحدٍ أو معانٍ متقاربة.