القراءات القرآنية المنسوبة إلى الإمام الزهري (ت124هـ) -جمع ودراسة-

تنوعت صور الاهتمام بالقراءات، فلم تقتصر على جانب فرش الحروف وكيفية الأداء، ممَّا أثرى المباحث المتعلقة بهذا العلم إثراءً ظاهراً، فكانت القراءات وما تزال ميداناً رحباً للدِّراسات المتشعبة في ميادين شتى، ومن بين تلك القراءات: قراءة إمام المحدِّثين وجامع السنَّة ومدوِّنها محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (ت124هـ) رحمه الله؛ فجاء هذا البحث رغبة منّي في خدمة كتاب الله جلَّ وعلا، وإبراز مكانة هذا الإمام، والوفاء له من خلال الوقوف على ما نُسبَ له من قراءاتٍ قرآنية. متبعًا في ذلك المنهجَ الوصفي والتحليلي مع التركيز على المنهج التحليلي؛ ليُسهم في تقديم صورة صادقة عن أئمَّة الحديث في مجال الدِّراسات القرآنيَّة. وقد بيَّنت هذه الدراسة بوضوح تام جهود ذلك الإمام في نقله لبعض القراءات واختياره لها حفظاً وأداءً. كما أوضحت أنَّ القراءات التي كان يقرأ بها الإمام الزهري لم تقتصر على السَّبعة أو العشرة، بل لم تقتصر كذلك على ما يُوافق رسم المصحف -وهي كثيرة-، كما لم تقتصر على الأربعة فوق العشر، حتى انفرد بقراءاتٍ لم يُشاركه أحدٌ في نقلها على الرَّغم من مكانتها اللغوية واستنباطها الشرعي. وقد حوت كتب التفسير عددًا منها لا بأس به، بَيْدَ أنَّه رحمه الله لم يكن من المكثرين في هذا الميدان؛ ولعلَّ السَّبب في ذلك يرجع إلى ارتباطه وكثرة انشغاله بالسنَّة والأحاديث النَّبويَّة.