شخصية فؤاد سزكين النَّقديَّة- علم الحديث نموذجاً

تمثَّلت شخصية البروفيسور فؤاد سزكين العلمية بالبحث والنقد في الوقت ذاته، إذ هو ليس من المؤرخين الذين يُورِدون المعلومات التاريخية دون نقدٍ وتمحيصٍ، كما هي عادة كثير من المؤرخين، فالناظر في مؤلفاته يجد علماً غزيراً، وشخصيَّته حاضِرة في النقد الحديثي، ومن أمثلة ذلك في كتابه: (مصادر البخاري) وكتابه (تاريخ التراث العربي- قسم الحديث النبوي). ولعلَّنا حينما نقرأ تعقُّبات بعض الباحثين حول انتقادات سزكين لشخصية البخاري ومنهجه قد نجد بعض الانتقادات كانت في محلِّها، وأحياناً نجد أنَّ سزكين له وجهة نظر فيما ذهب إليه، وفي الوقت ذاته لا تنقِص ممن انتقده سزكين، ومن هنا جاءت الدراسة للوقوف مع شخصية فؤاد سزكين النقدية في علم الحديث، وبيان منهجه في البحث الحديثي، ثمَّ تحليلها من خلال تراثه العلمي، خاصة كلامه في تدوين السُّنَّة النبوية، ثم انتقاد صحيح البخاري، ثمَّ تعقُّباته على الباحثين (خاصة المستشرقين)، ليس فقط لبيانها وتحليلها وبيان وجه الإصابة فيها أو خطأه؛ إنما لبيان شخصيته النقدية العلمية بشكل موضوعي، وبيان نظرته واجتهاده، ثم بيان الاستدراكات عليه، حيث يظنُّ كثير من الباحثين أنَّ فؤاد سزكين على منهج المستشرقين، في حين إنه من أوائل مَن تعقَّبهم وانتقدهم. وسأسلك في بحثي المنهج الاستقرائي في جمع آرائه في علم الحديث، ثم تحليلها، وبيان منهجه في البحث والنقد الحديثي.