اشتغالات الهوية في شعرية مظفر النواب

الناقد المتصدي لشعرية مظفر النواب عندما يزعم أن الموضوعية غير موجودة ما لم يكن المعنى نفسه غير متغير، وقد جاء هذا الزعم كرد فعل على يأس محتمل بإزاء ما يراه (بلبلة التأويلات) مشيراً كذلك إلى التوالد الراهن للمزيد من التأويلات الجديدة ومناهجها، كما أنه في الوقت نفسه يرى في الموضوعية التي تنزرع كامنة في تاريخية جذرية شاخصة في أعمال مظفر النواب وسيرته الذاتية بوصفه ( مناضلاً) سياسياً من العراق، فهو يحمل فكراً وطنياً وقومياً واقعياً متراكباً أو مندمجاً أو منسجماً مع تطلعاته الإنسانية، فاللغة الشعرية ليست كينونة ثابتة بل متحركة وفعالة، وهي انتماء قبل أن تكون وصفية أو جمالية، وقد حضرت اشتغالات الهوية في نصوص الشاعر مظفر النواب بوصفها ثيمة متجددة لا تُقيَّد ولا تُحجم ولا تستكين، فهو الحالم أبداً في وطن يقدس فيه الإنسان كما تقدس الأديان لأنه أصل التشريع وأساس له، فالفقر والفقراء، والجياع، والمعذبون، والثوار هم من ينتمي إليهم الشاعر ومن همومهم اشتق أسلوبه المميز منحازاً للقضايا الإنسانية والعربية أينما وجدت فشعريته غاضبة ثائرة وصادقة مخلصة من دون أن تتخفي خلف أي رمز أو استعارة أو تلون أو دجل وهو الناطق بلسان حال الجماهير الحركية دائماً، متجاوزاً ذاته إلى دوائر أوسع وأشمل في موقف فكري عالمي ظهر واضحاً في نصوصه الشعرية.