الخطاب السياسي في الغزل العمري (قراءة ثانية في غزل عمر ابن أبي ربيعة)

يبدو أنّ غزل عمر ابن أبي ربيعة كان ذا أبعاد سياسية ؛ بدليل أنّه كان فيه صاحب منهج جديد فهو غالبًا معشوق النساء ومُبتَغَاهن وليس العكس- وهذا الربط يتأتى من أنّ الأنثى هي رمز للدنيا, وهي تمثل في الغالب الحلم- وفي هذا إشارة خفية إلى عدم سعيه إلى منصب أو سلطة, في حين أنّ مَنْ كانوا يقومون على خدمته مثل(خالد القسري) تولّى إمارة. فبعد أن يئس هو ومَنْ على شاكلته من كلّ طموح سياسي في عصر كان من أغزر العصور من حيث النزاعات والتقلبات السياسية- أهمها انتقال الحكم من شورى إلى وراثي ملكي- آثر أن يسلك مسلكاً آخر فوجد أنّ الإمارة الحقيقية أن يكون أميراً على قلوب نساء علية القوم اللائي كن بدورهن أميرات على بعولتهن ممّن كانوا يتسنمون مقاليد الحكم والسلطة. هذه الدراسة قراءة مغايرة للغزل العمري منطلقها إستراتيجية واحدة وثابتة, قوامها الفهم, وهي إستراتيجية تتوخّى إنتاج فهم آخر للنص, قوامه ممارسة التأويل في مختلف أشكاله وأبعاده, مادام أنّه ينجز فعلاً من أفعال التلقي على نص قابل للقراءة, ومنفتح عليها, ذلك لأنّها تسعى إلى خلق واستكشاف باطن النص ومعناه العميق, من مناحي فلسفية كثيرة, أهمها الظاهراتية, والتأويل.