في مصطلح الإجماع الأصوليِّ: إشكالية المفهوم بين المثالية والواقعية

مدخل: يُعدُّ الإجماع عند مهور علماء المسلمين احد مصادر التشريع الإسلاميَّ، ويلي السّنة عندهم في التشريع، بحيث يجب على المجتهد الباحث عنة حكم الله في حادثة أو نازلة الرجوع إلى كاب الله أولاً، ثم سنَّة رسوله- صلّى الله عليه وسلَّم- ثانياً، فإذا لم يتحقق له العثور على شيءٍ منهما، فإنَّه يلوذ بالإجماع للتعرف على حكم الله في تلك الحادثة أو النازلة، فإذا أعوزه الوقوف على إجماعٍ، لجأ إلى بقية المصادر التبعيَّة من قياس، واستصلاح، واستحسان، وعرفٍ، وغيرها من الأدلة المختلف فيها. ونظراً إلى عدم اشتمال الكتاب والسنة على أحكام جميع النوازل والمستجدات اشتمالاً تفصيليّاً، فإنَّ ثمَّة أهميَّة للإجماع في الفكر الأصوليِّ تتمثل في كونه المصدر الاجتهاديّ الوحيد الذي يرتب على إنكاره بعد ثبوته إخراج المنكر من ربقة الإسلام عند معظم الأصوليِّين، وذلك لأنَّ مخالفته عندهم بمثابة مخالفة أمرٍ معلـومٍ مـن الديـن بالضرورة، ومن أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وفي هذا يقول الزركشي في بحره"..وأطلق جماعة من الأصوليِّين بأنه حجَّة قطعيّة. وإنَّه يقدمَّ على الأدلة كلها، ولا يعارضه دليل أصلاً بحيث يكفَّر أو يضلَّل ويبدَّع مخالفته...".[1] واما اب حزم في مراتبه، فيقرِّر هذا قائلاً: "إنَّ الإجماع قاعدةٌ من قواعد الملَّة الحنفيَّة، يرجع إليه، ويفزع نحوهن ويكفِّر من خالفه إذا قامت عليه الحجَّة بأنَّه إجماع"[2] وأما البخاري، في كشفه، فيقول: "يحكم بكفر من أنكر أصل الإجماع بان قال ليس الإجماع بحجَّةٍ. أما من أنكر تحقق الإجماع في حكمٍ بأن قال: لم يثبت فيه إجماعٌ، أو أنكر الإجماع الذي اختلف فيه، فلا"![3] واعتباراً بهذه المكانة العالية للفكرة الإجماعيَّة، والتفاتاً في الوقت نفسه إلى تلك المنزلة السامية للمسألة الإجماعيَّة في الفكر الأصوليّ، فإنَّ هنالك حاجة ماسَّةً إلى تحقيق القول في مفهوم هذا المصلح وتحديد موقعه من ثائية المثاليَّة والواقعيَّة في الفكر الإسلاميّ، كما أنَّ ثمة أهميَّةً علميَّةً في القيام بمراجعةٍ نقديَّةٍ للمعاني التاريخيَّة والحمولات الفكريَّة التي حمِّل بها هذا المصطلح عبر تاريخ الفكر الأصوليِّ، ابتداءً ... للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF  في اعلى يمين الصفحة.