تداعيات احتلال الموصل

كانت جهود دراسة التداعيات والكلفة الاجتماعية لاحتلال الموصل، جهود عرضية أو ثانوية مقارنة مع جهود دراسة تلك النزاعات والصراعات وموضوعاتها المتشعبة والمتعددة. فاغلب الدراسات والبحوث كانت منشغلة بالبحث عن أسباب ودوافع قيام تلك الحرب. ونتائجها السياسية، والعسكرية، والدولية، إلا انه نكاد نلمس قلة في دراستها – الحرب ضد داعش- من حيث مدى ما تسببه من خسائر وتأثيرات في حياة المواطنين والرعايا داخل المجتمع- كلفتها الاجتماعية - فغالباً ما تكون الكلفة العسكرية للازمات والحروب منظورة وقابلة للحساب، إلا ان كلفتها الاجتماعية غير منظورة. إذ تعد الأزمة محور دراستنا الحالية؛ لذا كان لابدّ لنا من أن الإحاطة بهذا المفهوم على الرغم من صعوبة تحديد معانيه بدقة، وقد أفاد ذلك في بناء المعرفة المنظمة بذلك المصطلح، ولاسيما بعد اتساع نطاق استعماله، وانطباقه على صور العلاقات الإنسانية المُختلفة فقد دخل في مجالات عدة، كالطب، والاقتصاد، وعلم الاجتماع، وعلم السياسة...الخ. وتكمن أهمية هذه الدراسة بما لا يمكن للمرء أن يتحدث عن الأحداث التي مر بها المجتمع العراقي بعد عام 2014م وما حدث بها من أحداث مريعة -ابتدأت باحتلال مدينة الموصل- وما جرى على  العراقيين ومعاناتهم الإنسانية الفائقة من دون أن يستحضر صور الموت، والعنف، والدمار، والتهديدات التي خلفتها عصابات داعش الإرهابية التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من إرباكات، وأزمات، وانقسامات، وتصدّعات فضلاً عن حالة الضعف والوهن التي استغلها داعش الإرهابي، للتقدم والاندفاع في هجماتهِ للاستيلاءِ على مزيدٍ من المناطقِ بعد احتلالهِ لمحافظةِ الموصل واستخدامها كمرتكزٍ وقاعدةٍ أساسيةٍ لإعلانِ دولته المزعومة، ثم التمدّد باتجاه احتلال مناطق أخرى من العراقِ حتى وصل ما استولت عليه نحو ثلث الأراضي العراقية، وما خلفه من دمار.