التناسب المنطقي معيارا للصورة الشعرية في كتاب "أسرار البلاغة" لعبد القاهر الجرجاني

تمثل الصورة أهم العناصر التي تحقق كينونة الشعر وخصوصيته، وهي ليست تشكيلا تزينييا بل تعبيرا انفعاليا بأسلوب إبداعي، وبدلا من ان تكون أداة لرسم المشاعر والأفكار بما تجيش به حساسية الشعراء  فتؤدي وظيفتها لترجمة حصيلة التجارب الانسانية بما يمنح الشعر جماليته وقوة تأثيره، تبدو في كتاب عبد القاهر الجرجاني – أسرار البلاغة – صورة برهانية في الغالب الأعم تصاغ لأظهار المقدرة على خلق التوافقات بين الأشياء، وميدانا للتنافس على اكتشاف صلات التشابه بين عناصر الوجود، مما انعكس على نمط الصور المختارة وعلة استحسانها ليعلي عبد القاهر من شأن التناسب المنطقي في الصورة على حساب مقومات أخرى جوهرية كالعاطفة وتلقائية التعبير وانسجام الصورة ومن ثم التضحية بجمالية التصوير، والأعتداد بما يصنعه العقل من تناسبات منطقية بعيدة عن روح الشعر وطبيعته المتأصلة فيها الدوافع الشعورية للقول لا العقلية.