الريف العراقي في رواية (عابر حدود)

يعد المنهج الثقافي واحداً من المناهج النقدية الحديثة التي تنتمي إلى مرحلة ما بعد الحداثة أي ما بعد الشكلانية والبنيوية، إذ شهدت هذه الحقبة تصدع الفهم النقدي الذي اشاعته المناهج النصية للأدب وأسفر ذلك عن جملة من ضروب التحليل النقدي من خلال النظر إلى النص بوصفه طريقاً لاكتساب أساليب جديدة في تحليل العلاقات بين تأليفه الدقيق. تمثل رواية (عابر حدود) للكاتب (حميد الكفائي) واحدة من الروايات التي اشتغلت على (الريف العراقي) حاول خلالها المؤلف الانفتاح على أجواء الريف في ( جنوب العراق )، وتقديم صورة شاملة عن الواقع الاجتماعي العام ،والثقافي الخاص ، في ظل النظام العشائري، وسيادة رجل الدين ( السيد ) في سرد موضوعي لا يخلو من رؤية نقدية لاذعة لبعض التقاليد والاعراف الاجتماعية التي يخضع لها  الفرد ضمن هذه البيئة في رؤية سردية مشخصاً بذلك الحدود (الانساق الثقافية) التي تتحكم بسلوك شخصياته الروائية وترسم تفصيلات ايقاع الحياة في الريف العراقي ،مثل التباين( الاجتماعي/ الطبقي)  بين المرتبة العليا ( السادة ) الذين ينتسبون إلى الرسول (محمد صلى الله عيه وسلم) والأخرى (الطبقة الدنيا) العامة من الناس ، وما يترب على ذلك من أثر في طقس الحياة اليومي. ويمتد التباين الاجتماعي ليميز بين (الرجل) و (المرأة) في المجتمع الريفي العراقي بوصفه مجتمعا ذكوريا، حيث تتجلى فيه هيمنة وسلطة (الرجل /الذكر) بينما تتلاشى وتضيع مكانة (المرأة/ الأنثى) التابعة والخاضعة لسطوة (النظام الذكوري) الذي حصن نفسه بسنن وانساق اجتماعية صارمة ضيقت الخناق على المرأة، كما يتجلى ذلك واضحاً في علاقتها مع الرجل ضمن انساق الزواج (الزواج المبكر، والزواج الداخلي، وزواج الارملة، وتعدد الزوجات). أما المعتقدات الدينية فترصد الرواية ما يرتبط بمفهوم (البركة، والعقاب الالهي أو اللعنة، والشفاعة) وأثرها في توجيه سلوك الافراد.