
واوُ السَّـبْقِ في القرآنِ الكريمِ دراسةٌ دلاليةٌ
Author(s) -
علي عبدالفتاح الحاج فرهود
Publication year - 2018
Publication title -
al-ādāb
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2706-9931
pISSN - 1994-473X
DOI - 10.31973/aj.v1i119.311
Subject(s) - psychology
الحمدُ للهِ ربِ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ خلقِه أجمعين محمدٍ الرسولِ الأمينِ ، وآلِه الطيبين الطاهرين ، وصحبِه الكرامِ الصديقين.
أما بعدُ ، فإننا نكتنِزُ من قولِه تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف/2] أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد حبا اللغةَ العربيةَ بمزايا بيانٍ لم تحظَ بها لغةٌ من لغاتِ الأُممِ الأُخرى غيرِ العربيةِ ، وهي لُغاتٌ لا شكَّ في أَنها كلَّها آياتٌ جليةٌ أكدها ربُّ العزةِ بقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم /22] تُبيِّنُ الحقَّ الذي أقره اللهُ تعالى في حُجَّتِه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت/53] ، وهو ما يجبُ علينا جميعًا – نحن البشرَ - الإقرارُ به ، لأنَّه صِلتُنا باللهِ تعالى ، ونجاتُنا به بين يدَيه. ولو أنَّه تعالى قد جعل للغةٍ أُخرى - غيرِ اللغةِ العربيةِ - بيانًا يُماثِلُ ما في العربيةِ ، أو بلاغةً تعلو على بلاغتِها ، لكانَ حظُّها في الاختيارِ للتنزيلِ أوضحَ في الإقرار.
ومن هذه الحقيقةِ يتقررُ أنَّ البحثَ اللغويَّ القرآنيَّ لا ينتهي عند حدٍّ معيَّنٍ ، ولا في دائرةِ دراسةٍ خاصةٍ ، ولا يمنعُه أيُّ تفسيرٍ بيانيٍّ يتوهَّمُ بعض العارفين أنه (جامعٌ مانعٌ شافٍ وافٍ) ، ويؤكَّدُ أّنَّ التدبُّرَ المشرَّعَ للمتصلين بالقرآنِ الكريمِ – على تبايُنِ تخصصاتِهم – في قولِه تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألــبَابِ} [ ص/29] ، و قولِه تعالى:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر/17] ، و قولِه تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد/24] إنَّما هو بابٌ فُتُحٌ لقراءةِ النصِّ القرآنيِّ بما يَجِدُّ في ضوءِ المعرفةِ القرآنيةِ الرصينةِ. ومن ميادينِ البحثِ اللغويِّ الدلاليِّ الروابطُ اللفظيةُ التي تكونُ عِمادًا في تركيبِ الجملِ ، وواشجةً في تآزُرِ المعاني من كلِّ جزءٍ يكتنِفُه التركيبُ ؛ لذا تكونُ الرابطةُ اللفظيةُ في التركيبِ اللغويِّ ، أو في الجملةِ هي المحورَ الرئيسَ لتماسُكِ النصِّ ، والمَعقِدَ الدلاليَّ لاتصالِ أجزائِه ، في النظمِ القائمِ على الرابطةِ في أساسِ تكوينِه اللفظيِّ ، أو التحريريِّ الكِتابي.