الآلات والأدوات الزراعية في بلاد الرافدين

منذ ظهور الانسان في القسم الشمالي من بلاد الرافدين، في العصر الحجري القديم كان يعيش في الكهوف معتمدا في غذائه على جمع القوت من النباتات والحشائش البرية وصيد الحيوانات بآلات وأدوات حجرية وعظمية بدائية بعضها للصيد وبعضها للدق وبعضها للقشط فضلاً عن استعمال الفأس، حتى حلول العصر الحجري الوسيط (15000-10000 ق.م) وبعد تحسن المناخ بدأ هذا الانسان ينزح الى المناطق المكشوفة ويكّون اول تجمعات سكانية وذلك في موقع زاوي جمي(1) وملفعات(2) وكريم شهر(3)، التي هي عبارة عن مستوطنات موسمية وليست دائمية.      عُدّ العصر الحجري الوسيط البداية الأولى للزراعة البدائية وذلك بسبب التجمع السكاني الأول، وعُدّ كذلك البداية الأولى لإنتاج القوت بعد أن كان جامعاً للقوت فضلا عن تدجين بعض الحيوانات، وفي هذا العصر تطورت آلاته وادواته الحجرية، إذ ظهرت أدوات الدقّ والسحق والهاون والرحى، وعند حلول العصر الحجري الحديث حوالي (10000 ق.م) تطورت فكرة الاستيطان الجماعي الأمر الذي ادى إلى ظهور أولى القرى السكانية الزراعية في شمال بلاد الرافدين مثل جرمو(4) وحسونة(5) وتل الصوان(6) وهذه القرى تطورت فيها الزراعة ودُجنت فيها الحيوانات، ظهور هذه القرى الزراعية أدى إلى تطور فكرة إنتاج المحاصيل وحصدها وخزنها, وبعد أن كانت الأدوات الزراعية الأولى حجرية بدائية مثل المناجل الحجرية لقطع النباتات والرحى الحجرية لطحن الحبوب، تطورت الزراعة بمرور الزمن إذ توسعت الأراضي الزراعية بِتوسع القرى الاستيطانية منذ الألف الخامس قبل الميلاد إذ احتاجت تلك الزراعة إلى ابتكار ادوات زراعية جديدة تفي بالغرض المطلوب من إنتاج وحصاد المحاصيل الزراعية الكثيرة، لذا مرت الآلات الزراعية بعدة مراحل تطوريّة اسهمت في وصولها إلى قمة تطور الزراعة ونجاحها في تلك العصور.        كان للآلات الزراعية أهمية كبرى عند الإنسان الرافديني، وجاءت هذه الأهمية من خلال الصفة الدينية لبعض هذه الآلات بتمثيلها رموزاً لعدة من الآلهة(7)، إذ مثل المحراث رمزاً للإله شمش والإله ننورتا، والمسحاة رمزاً للإله شمش، والمجرفة رمزاً للإله مردوك، والفأس رمزاً للإله أدد(8). سوف نتناول في هذا البحث الآلات الزراعية لأهميتها في تطور الزراعة في بلاد الرافدين وتضم الآلات الزراعية المستعملة في الزراعة كالسقي والحصاد.