أهمية المقاربة الحضارية في حل مشكلات العالم الإسلامي: إسهامات مالك بن نبي

تتناول هذه الورقة بالتحليل سؤال المقاربة الحضارية وأهميته الكبرى في حل مشكلات العالم الإسلامي. وتؤكد الورقة بأنه بدون تطوير قدرات ومناهج التفكير الحضاري، واستخدام أدوات التحليل الحضاري فإنه سيكون من الصعب تماما فهم مشكلات العالم الإسلامي المتعددة ومعالجتها بالطريقة المنهجية العلمية المناسبة. ومما لا شك فيه بأن المقاربة الحضارية أو الرؤية الحضارية في التفكير رؤية متكاملة ومتوازنة وشاملة تعالج القضايا والمشكلات الاجتماعية والثقافية بطريقة أكثر تكاملا وعلمية، وتستخدم أدوات ومناهج مستقاة من مختلف المناهج والمقاربات الاجتماعية والإنسانية، وتسفيد من توجيهات الدين والقيم، وتعمل على تقديم تحليلات شمولية لظاهرة التحضر والتغيير الاجتماعي. وقد أسهم الكثير من علماء ومفكري الإسلام القدماء والمعاصرين في تطوير هذه المقاربة الحضارية. وفي هذا السياق يمكن ذكر جهود عبد الرحمن بن خلدون من القدماء، وجهود مالك بن نبي من المعاصرين. وتركز هذه الورقة في إبراز بعض أطروحات مالك بن نبي في تطوير المقاربة الحضارية وتطبيقها في تحليل مشكلات العالم الإسلامي، واقتراح الحلول المنهجية العلمية لها. وخلصت الورقة إلى أن مالك بن بني كان من الأوائل الذين اتخذوا من الحضارة "وحدة للتحليل"؛ حيث تبناها واستخدمها كرؤية لعرض جانب مهم من فكره. وتعتبر "الحضارة" بوصفها وحدة للتحليل الحضاري والاجتماعي سمة بارزة في جهوده الفكرية، حيث تمكن من تطوير منظومة متكاملة من الأدوات التحليلية والمفردات المنهجية التي مكنته من تقديم تحليل عميق، ومتقدم للوضع الحضاري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والروحي والنفسي والقيمي للعالم الإسلامي. ومن أجل تقديم تحليل متوازن عرجت الورقة على نقطتين  أساستين هما: 1) التناول المنهجي لمفهوم الحضارة، 2) الحضارة بوصفها وحدة لتحليل مشكلات العالم الإسلامي. ومن بين ما أوصت به الورقة أهمية أن يُعزز المشتغلين بفكر مالك بن نبي المقاربة الحضارية التي طورها واستخدمها، وأن يعمقوا الأبحاث في هذه المنظومة، ومفرداتها، وآلياتها، وضوابطها، وتطبيقاتها. وبدون هذه النظرة المنظومية الحضارية لفكر مالك بن نبي فقد يكون من الصعوبة الإفادة منه وتطويره.