سؤال الكتابة الشعرية في "حاطب ليل" لشربل داغر

سكب من؟ أو من يكتب لمن؟ ولماذا أككب؟) . ان مرجم الكاتب اللبناني شربل داغر الأول في الكتابة هو الكتابة ذاتها، قرييا من معنى "البده" أو "الأصل" الوارد ف التمثل النششوي للكتابة والقراءة، بناء على حكمة زرادشت القائلة: "اكتب بدمك وستعلم أن الدم هو فكرك""). إلا أن إدراك الكتابة بالكتابة ذاتها وبالقراءة الملازمة لها فعل أنطولوجى لا يقدر على ممارسته كتابة إلا من يستطيع أن يصل ويميز بين الحب والحياة: "صحيح أننا نحب الحياة لأنا لم نعتد على الحياة بل على الحب، إذ هنا دائما نزر قليل من العقل في الجنون""). كذا "حاطب ليل" لشربل داغر، كتابة الحب والجنون معا دون نفى هذا النزر القليل من العقل الذي به تضحي "الكارثة" ذات معنى، والصدفة حدوثا لممكن، والفوضى نظاما، والفراغ خارطة للغة بالقول وإمكان القول، فالذي تكرر في الديوان ليس هو اللغة بالضرورة، عبارة وتركيا ومنظومة نصية دالة، بل ذاك الذي يرقد في الهوة السحيقة للروح المتعطشة إلى فك المعمى وتعرير الغامض من صفيق البهمة المستبدة بمجمل الذهن القادر على التكلم باللغة أو الصمت. والذي لا مكرر ليس بالضرورة فكرا محضا أو حالا شعرية، بل قد يكون وليد صدفة الكتابة حينما تسفر اللغة عن ماوراء لغوي يحمل تراكمات خبرة الذات الشاعرة ويستدعي مخزون المجموعة الثقافية والحضارية التي تنتمي إليها. ويهذا الترجيح يستحيل التسلم بدما بوعي الكتابة أو لاو عيها مطلقا في "حاطب ليل" وبالفرض منها حارج حدودها الدلالية والعدلالية تبعا لمفهوم المعى الحادث وإمكان المعى .