z-logo
open-access-imgOpen Access
مكانة التصوف في مجتمع دولة مغول فارس والعراق (656 ـ 738هـ) (دراسة تاريخية)
Author(s) -
رياض عبد الحسين راضي البدراوي
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol4.iss23.579
Subject(s) - computer science
     يتضح من هذ ا البحث ان التيار الصوفي نال مكانة عليا، ورعاية متميزة من لدن المؤسسة السياسية والعامة من الناس على حد سواء، تلك المكانة يعكسها نفوذه الواسع على جميع جوانب الحياة سواء اكانت السياسية ام الاجتماعية ام الفكرية، اما الرعاية المتميزة فتعكسها الخدمات المادية والمعنوية التي كانت تقدمها كل من المؤسسة السياسية والعامة للتيار الصوفي رجالا ومؤسسات.  وأبرز النتائج التي يمكن تسجيلها عن مكانة التصوف في مجتمع دولة مغول فارس والعراق هي: 1ـ ان المكانة التي كان يحظى بها التيار الصوفي لم تكن من صناعة المؤسسة السياسية وانما ترجع في أصولها الى الإمكانات الذاتية التي يتمتع بها التيار الصوفي سواء أكان على المستوى العام بما يملكه من فكر حاز على المقبولية من القوى الدينية الإسلامية وغير الإسلامية ويرجع ذلك الامر الى ما  يقوم عليه  الفكر الصوفي من أسس توصي بالانفتاح على جميع الأديان والمذاهب، كما يرجع الى ما يؤمن به الفكر الصوفي من مبادئ ترفض الجدل الديني العقيم الذي  كثيرا ما يؤدي الى الفتن المذهبية  التي كان يذهب بسببها كثير من الضحايا، إضافة الى ما يخلفه ذلك الجدل من احقاد لم تخفت نيرانها مهما مر عليها الزمن، زد على ذلك ان الفكر الصوفي يحث على التواضع والزهد في الحياة الدنيا، وهي أمور يرغبها الغالبية العظمى من المجتمع. اما على مستوى رجالات التصوف فانهم يملكون من السلطان الروحي ما لا يملكه غيرهم من شيوخ القوى الدينية الأخرى وقتذاك، وان سلطانهم الروحي كان يقف دونه العامة والخاصة معا، وان ذلك السلطان كان يتميز بقوة كبيرة جعلت شيوخ التصوف يحتفظون به تجاه العامة والخاصة في حياتهم وحتى بعد ممامتهم.     ومن الجدير بالذكر ان تلك المكانة التي يمتلكها التصوف وشيوخه كانت حتى في ظل السلاطين غير المسلمين في دليل على ما كان يمتلكه التيار الصوفي من شخصية قوية مؤثرة في المجتمع. 2ـ  نال التصوف في عصر دولة مغول فارس والعراق مكانة كبيرة في المجتمع فاقت مكانة القوى الدينية الأخرى، وهذا الامر تعكسه:   أ ـ  العناية الكبيرة من لدن المؤسسة السياسية والعامة على حد سواء، تلك العناية التي كانت علامة فارقة طوال تاريخه السابق، وادلتها واضحة عبر عدة شواهد تاريخية وعلى الصعيدين المعنوي والمادي فبالنسبة للصعيد الأول يعززه المناصب الإدارية التي كان يكلف بها الصوفية، والعلاقة القوية التي تربط رجالات الدولة بشيوخ الصوفية، والنظرة القدسية التي كان  يكنها لشيوخهم  سواء اكانوا الاحياءً منهم ام الأمواتاً، والحرية التي كانت يتمتع بها افراد التيار الصوفي، والحماية الخاصة والمميزة التي كانت تقدمها المؤسسة السياسية اليهم زد على ذلك قيامها في دعم واحياء طقوسهم ومراسيمهم ومناسباتهم. اما على المستوى المادي فيعززه الخدمات التي كانت تقدمها المؤسسة السياسية لدور عبادتهم سواء على مستوى تشييد الجديد ام ترميم القديم ام على مستوى التجهيز ام تخصيص الأوقاف التي تمثل المصدر الرئيس في التمويل للتيار الصوفي افرادا ومنشآت. إضافة الى الخدمات الخاصة التي كانت تقدم لشيوخ الصوفية من السلاطين والامراء متمثلة بالهبات والهدايا والزيارات المتكررة. ناهيك عن الخدمات التي كانت تقدمها العامة من الناس لشيوخ التصوف ودور عبادتهم. ب ـ الازدياد المستمر لاتباع التيار الصوفي في مجتمع الدولة. ج ـ كثرة وانتشار دور العبادة الصوفية في ارجاء الدولة بشكل لافت للنظر كما عبر عنه الرحالة ابن بطوطة. د ـ التعلق غير المسبوق من العامة والخاصة بشيوخ التيار الصوفي في هذه المرحلة بحيث بات لكل فرد شيخ يقلد طريقته وصار الشيوخ أكثر أهمية من أئمة الدين والعلماء وصاروا يحترمون أكثر من ذي قبل، بل ان مكانتهم فاقت مكانة السلاطين أنفسهم. هـ ـ حرصت المؤسسة السياسية على ألاّ تدخل في خلافات معهم او تثير حفيظتهم، وقد لوحظ كيف ان السلطان غازان يقبل بوساطة زوجه بشأن إطلاق سراح الشيخ نظام الدين محمود بعد ان اتهم بالتآمر ضده مع ان التآمر يعد امرا مرفوضا في العرف والقانون المغولي. وكذلك حرصهم على عدم التلاعب بشروط الواقف ووصايا شيوخ التصوف كما مر بنا انفا. و ـ اهتمام وعناية المغول بالتيار الصوفي كان مبكرا وقبل اعتناقهم الدين الإسلامي. زـ كان التصوف على صلة وثيقة بالمجتمع بعد ان كان منعزلا في الحقب السابقة للاجتياح المغولي في ظل الحكم الجديد صار منهم من يدرس ومنهم من يتولى منصباً ادارياً ومنهم من يعظ ...  الخ من الاعمال التي كانوا يقومون بها إضافة الى وظيفتهم الروحية. ح ـ نال التصوف حظوة كبيرة من لدن القوى الإسلامية الأخرى والقوى غير الإسلامية اذ لم نجد ان دخل أحد من تلك القوى في أي خلاف مع رجالات التصوف.

The content you want is available to Zendy users.

Already have an account? Click here to sign in.
Having issues? You can contact us here