تمرد الذات في رواية (( بصقة في وجه الحياة )) لفؤاد التكرلي (رؤيا نقدية سايكولوجية)

يخال المرء أحياناً أن الهرب من الواقع حالة عَرَضية تنتهي مع تلاشي المؤثرات التي تخل بتوازن الذات مع نفسها، لكن الأمر مختلف تماماً في رواية (بصقة في وجه الحياة)، فهي منتج نصي يعلن فيه الكاتب أن شقاء الحياة لا يبعث على اتخاذ الوهم ملجأ للتخلص من مرارة الواقع فحسب ، بل يبعث على انتهاك الحرمات والتمرد على كل القيم والتقاليد والأعراف الاجتماعية. وإذا كان النص الفني هو ديدن الكتّاب للتعبير عن مكبوتات النفس والنجاة من آلامها وعذاباتها، فقد جاء هذا المنتج – في وجهة نظر الكاتب – نصاً استثنائياً معبراً عن فكرة الانتصار لحرية الإنسان على الحياة والمجتمع ، إذ تسعى شخصية البطل إلى الخروج من تأزمها النفسي بمراودتها الجنسية المحرمة وتجاوز حدود القرابة العائلية في إطار ما يرفضه الدين ويأنفه المجتمع، ومن ثم الإقدام على قتل الابنة بعد امتناعها عن الاستجابة والرضوخ لدوافع الذات المتمردة. وكما يبدو فإن هذه الشخصية تعاني من عقدة مرتبطة بمجموعة من الإسقاطات التي تستوقف القارئ عندها ولا سيما إسقاطات البيئة التي عاشها الكاتب وظروف حياته الشخصية، وهو ما تم تناوله في المبحث الأول بعد التوطئة بمدخل نظري يوضح الفرق بين النقدين النفسي والنفساني، في حين جاء المبحث الثاني مبيناً مسارات الذات التي جسدت الراوي والروائي معاً في ضوء رؤية فلسفية خاصة بالذات الشخصية نفسها.