تشكيلية القصيدة البصرية في شعر فاضل العزاوي صاعدا حتى الينبوع انموذجا

تسعى هذه الدراسة إلى معرفة السبل البصرية التي تجسد هوية الخطاب الشعري لدى الشاعر فاضل العزاوي، فلا يخفى على المتخصصين بالأدب ونقده، ان ما يميز الصورة البصرية بوصفها تقانة خطابية، هو طواعيتها وسرعة الاستجابة في تلقيها، الأمر الذي جعلها متعددة الوسائل سريعة التأثير، فهي تقانة تتقدم على الأدوات الشعرية الأخرى التي تعالج موضوعات الشعر؛ فبفضلها يمكن تحويل مجالات الرؤية البصرية إلى قيم تعبيرية خطابية ويتم بوساطتها تحديد جماليات الأدب عموما، كما أنها تمثل بحكم طبيعتها السابقة صوغ لساني مخصوص تصاغ فيه الملفوظات على وفق أعراف بنائية جديدة  تتشكل المعاني فيه تشكلا مختلفا يفضي بها إلى تشكيل مرئي مغاير(1) تكشف عن عائدات قرائية على مستوى الدلالة والفن، بفضل ما تعكسه الطبيعة التفاعلية التي تنتج من امتزاجها بالنص وحلولها فيه، وتصبح الهيأة علامة إيحائية فارقة في النص تضاف إلى أبعاده الأيديولوجية، فالصورة بعدها دالّاً على فرادة الشاعر وتميّزه، تكون بحاجة إلى صوغ مخصوص يمنحها مساحة ملائمة للتشكل الانزياحي والمغاير لأعراف التلقي، إذ تمثل الصورة الشعرية البصرية أسلوب الشاعر في الخلق والتشكيل المتحقق بالاعتماد على انعكاسات الخبرة الفنية لديه في الصياغة وفي نظام التفكير الناتج عن وعي التجربة بأبعادها المختلفة، وما يرصده من خبرات متميزة يستوحيها من الحياة، ومن المعرفة الثقافية محتوىً ومضموناً، لذا أخذت الصورة في الشعر تبحث عن مستويات تعبير مختلفة، فكانت الصورة المرئية احد هذه المستويات التي تميزت بمستوى أبعدَ في المدى التأويلي مما جعلها تتسم بفاعليتها المميزة في إسناد أدواته الإجرائية وتمكِّنهُ من الإفادة من هذه التقانات في تجسيد خطابِه الشعريِ على وفق البناء التركيبي الجديد الذي يجسد له التعادلية في مستوياته المختلفة، لتتكشف المسافة التصويرية ببعديها الفني والايحائي(2).   (1) ينظر: الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث، د. بشرى موسى صالح:3. (2) ينظر :المصدر نفسه:7.