
الصورة البصرية في شعر العميان في الأندلس الأعمى التطيلي أنموذجا
Author(s) -
علي عز الدين الخطيب
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss8.902
Subject(s) - materials science
يعد البصر من أهم النعم التي من بها الله سبحانه وتعالى على الإنسان، فحاسة البصر تعد أهم الوسائط التي تربط الإنسان بعالمه، ومن خلالها يكون بمقدوره أن يتعرف على هذا العالم ومن ثم يستطيع التواصل معه، صحيح أن فقدان هذه الحاسة لا يعني إن الحياة قد انتهت، لوجود حواس أخرى لها أدوارها ووظائفها التي تمكن الإنسان من القيام بواجباته الحياتية بشكل مقبول في الأقل، لكنها بكل الأحوال لا يمكن أن تؤدي الدور نفسه الذي تؤديه حاسة البصر، فدور البصر في حياة الإنسان بعامة أكبر بكثير من دور سائر الحواس(1).
لا نريد زج الدراسة في قضايا علمية عضوية ونبتعد عن قضيتها الأساس وهي القضية الفنية، إلا إننا أردنا الإشارة فقط إلى تلك الأهمية البالغة لحاسة البصر بالنسبة إلى الإنسان وهو يقوم بأدواره الحياتية المختلفة التي قد يحتاج بعضها إلى البصر وبعضها تكون الحاجة إليه بنسبة اقل، فكيف إذا كان البصر بالنسبة إلى الشاعر هو الواسطة الرئيسة والأكثر أهمية في حياته من اجل إنتاج فنه ومن ثم تحقيق التواصل مع المتلقي عبر عملية التأثير فيه، من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي تمثل في عنوانها مفارقة كبيرة، إذ أنها تشتغل على الصورة البصرية التي لابد لها أن تكون مرئية ومشاهدة بالعين المجردة، في حين إن منطقة البحث ستكون خاصة ومحددة لعدم وجود الأداة الرئيسة في إقامة هذا التواصل بين الشاعر ومحيطه الحسي بسبب فقدان بصره، لذا أجد إن مثل هذه الدراسات لن تخلو من الطرافة فضلا عن الأهمية البحثية التي تسعى إلى تحقيقها وهي تأشير تلك العبقرية الخاصة التي يتمتع بها هؤلاء الشعراء الذين فقدوا أهم النعم الإلهية وهي نعمة البصر وكيف استطاعوا أن يتجاوزوا هذا الإحساس القاتل بالنقص ومن ثم تعويضه عن طريق الإبداع.
هذه الدراسة ستشتغل على احد الشعراء الأندلسيين هو الشاعر احمد بن عبد الله بن أبي هريرة التطيلي الاشبيلي (ت 525هـ)، واختيار شاعر من تلك البيئة الساحرة له أكثر من دلالة، لعل أهمها أن وجود حالة العمى ستعمق من شدة المفارقة كون البيئة التي تحتضن الشاعر بيئة حسية اشتهرت بجمال الطبيعة، والطبيعة عنصر مكاني بصري يكمن تأثيره في المشاهدة العيانية، فـ (الطبيعة لايمكن تصورها تصورا دقيقا إلا في حدود مكانية) (2)، وهذه الحدود المكانية تشير ضمنا إلى فاعلية المشاهدة ودورها في إعادة إنتاج المكان بما يضمه من محسوسات تستقطبها جميعا حاسة البصر ومن ثم تعمل على إعادة تشكيلها حسب طبيعة التجربة الشعرية التي تقدم إلى المتلقي عبر مفهوم الصورة الشعرية.
(1) ينظر: سيكولوجية ذوي العاهات والمرضى، مختار حمزة، ط4، ن، دار المجمع العلمي، جدة، 1979، ص109.
(2) مقاييس الجمال في تجربة العميان الشعرية، د. عبد الله بن احمد الفيفي، مجلة: المجلة العربية، عدد64، ربيع الآخر هـ، يوليو 2002م، ص9.