
عصر السميولاكرا وعنف النظام في نقد الفائض الصوري السياسي قراءة في مشروع بودريار
Author(s) -
علي عبود المحمداوي
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss7.928
Subject(s) - art
يتموضع مشروع بودريار في الخطاب ما بعد الحداثي ليشكل لحظة ومنعطفا كبيرا في تاريخ الفلسفة، والفكر الغربي بالخصوص. وتتشكل انطلاقاته الفريدة- نوعا ما- بوصفها قراءة جديدة للواقع، أو مصطنعه، وبشكل مغاير لما حاولت الدراسات الانطلوجية والمعرفية أن تنشأ مقولا حوله. انه مقول عن المصطنع والمتوهَم، عن السميولاكراSimulacra ، أو الصورة المزيفة (أو الشبحية) التي يحاول بودريار أن يكشف عن هيمنتها على العقل الإنساني بإخفائها الحقيقة، والاستبدال التاثيري والإيحائي منها للواقع، حد التحول إلى حقيقة، وهي المصطنع الذي جرد الرمز من كل ثناياه الدلالية حتى أضحت الصورة، بمطلقية معناها، لا تدل إلا على وهمٍ اصطنع لنفسه التمثيل الرسمي للحقيقة مع كونه لا يرتبط من قريب أو بعيد بها. تلك حال ما فوق الواقع لا علوا، بل إيهاما. إنها حال الواقعية المفرطة.
ويتخذ بودريار مما قدمه ماركس من طروحات في القيمة وتصنيفاتها مرجعا للتحليل والنقد والإضافة، سنلحظه تبعا، كما يرفق بجذره الفكري جل مصادر السميائيات وأعمال مابعد الحداثيين في التشكيك والزعزعة لمقولات الحداثة الراسخة والوحدوية- الشمولية؛ لذلك نجده يبحث في الهامش والمخفي والمعاد إنتاجه بصورة إصمات (اقصد بالاصمات عملية القمع لصوت الحقيقة) الواقع= الحقيقة.
إنها الأنموذج الذي يختزل باصطناعه كل معاني الحقيقة التي هي في حالها غائبة، أو مرآوية لمرايا كثر، ويشكل هذا الخطاب البودرياري عن الوضع المعاصر في حال ما بعد الحداثية، وصفاً للوضع الذي أنتج هيمنة إعلامية ورقمية بأبعاد فوق واقعية، وسلطة شمولية ودعائية، وهنا تتبدى السميولاكرا على البراكسيس السياسي، فهنالك نظام شمولي يعمل بوصفه محركا وخلفية لما ينتج من عصر استهلاكي و صوري؛ يتصف بالذوبان في العلامة، والاستنزاف للحقائق بأدوات الإعلام. كما أنها تنعكس على ممارسة قمعية أخرى تتمثل في ((التحكم في ثقافات ورموز الآخر المعولَم، وصهرها وتذويبها في ثقافة صانعي قرارات العولمة وفي لغة رمزية واصطناعية تحطم الاختلاف والمغايرة لصالح وحدة قسرية ووهمية))([i])، هذا ما يجعل مشروع العنف، بادئاً بالعولمة، ومردودا بالإرهاب، ملاصقا لطبيعة التعامل الهوياتي اليوم. وسأحاول تصفيف خطاب بودريار بما يتيح نوعا من التشخيص لعطالة الواقع الغائب- المعنى، وصولا إلى ما ينتجه (بودريار) من حلول، قد تخرجه من دائرة الكآبة وسمة العدمية (بمعناها التقليدي) التي وسم بها هو ومشروعه النقدي.
هوامش البحث:
([i] ) محمد شوقي الزين، تأويلات وتفكيكات، فصول في الفكر الغربي المعاصر، المركز الثقافي العربي، لبنان والمغرب، ط1، 2002، ص212.