ثقافة اللاعنف وتجليات المجتمع العراقي

تعد كتابات وأدبيات اللاعنف في المجتمع العراقي قليلة ونادرة إذا لم تكن غائبة ومفقودة ومهمشة نتيجة الصراعات السياسية التي عانى ومازال يعاني منها العراق في تأريخه السياسي القديم والحديث. وكنتيجة حتمية لكل  هذه الصراعات العنيفة التي تعرض لها المجتمع العراقي جعل الذات العراقية تتمركز حول محور العنف وأصبح هذا المحور يحتل جزء كبير من  للمجتمع العراقي، آذ تغلغل في ثقافتنا الباطنية أو المستترة وأصبح جزء من ميولنا النفسية والاجتماعية حتى بدأ العنف يظهر في سلوكياتنا وتعاملنا اليومي ليكون نمط ثقافي يميز مجتمعنا عن المجتمعات الأخرى. لكننا اليوم بعد استيعاب المجتمع العراقي لدروس الماضي وتعرضه  لتغيرات اجتماعية وثقافية وسياسية مهمة في تأريخه الحديث وخروجه من العزلة الاجتماعي التي عمد النظام السابق على فرضها طيلة حكمه. نتيجة تغيير السلطة السياسية في العراق، وتعرضه  لآليات العولمة مما سهلت دخوله في المنظومة العالمية وجعلت العراق  أمام ثقافة جديدة أخذت تحتل الجزء الأكبر من أولويات التفكير العراقي. إذ ظهرت دوافع ومتطلبات عديدة  ساهمت في بلورة الحاجة إلى مفاهيم وقيم وثقافات ، تساهم في زيادة وتيرة التفاهم بين أفراد المجتمع الواحد, وبين المجتمع العراقي والمجتمع الأخر. وتؤسس لعلاقة سليمة بعيدة عن خيارات القطيعة والصدام والحروب الداخلية والخارجية المفتوحة . فكلما توسعت المسافة وفق الاختلافات القومية والمذهبية والدينية والرؤى السياسية ، ازدادت الحاجة إلى أطر ثقافية وقيم جديدة تحول دون أن تتحول هذه المسافات إلى سبب صراع وصدام بين أبناء المجتمع الواحد .وأطر تحتضن كل معالم الاختلاف وتستوعب جميع الشرائح والفئات، وتؤسس لحقائق التسامح كوسيلة مجتمعية وحضارية في إدارة الخلافات والاختلافات المتوافرة في المجتمع العراقي. لتكون ثقافة مجتمعية حاكمة وسائدة بين جميع فئات المجتمع ولا تقتصر على مستوى النخب والأطر الضيقة.