
مراكز الإشعاع الثقافي والعلمي في الدولة العربية الإسلامية خلال القرن الرابع الهجري
Author(s) -
غنية ياسر كباشي
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss4.971
Subject(s) - physics
لا يخفى تأكيد الدين الإسلامي على أهمية العلم والتعلم، فهناك نصوص كثيرة وردت في القرآن الكريم في شأن ذلك([i])، فضلاً عن الأحاديث النبوية التي تشير إلى فضل العلم والعلماء منها: "من يسلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك به طريقاً إلى الجنة"([ii])، وقوله الشريف: "لا حسد في اثنتين: رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها"([iii]). ومنذ البداية حرص الرسول r على تعليم المسلمين، حين عرض على كل أسير من الأسرى يجيد القراءة والكتابة ولا يستطيع أن يفدى نفسه أن يعلم عشرة من المسلمين.
وفي أقوال الخلفاء الراشدين أيضا إجلال للعلم، من ذلك قول الخليفة أبي بكر الصديقt: "لأن أعراب أية من القرآن أحب إلي من أن أحفظ أية"([iv])، وقول الأمام عليu: "كل يوم لا أزداد منه علماً فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم"([v])
وقد حرص الخلفاء الراشدين بعد الرسول r على نشر العلم والتعليم لاسيما تعاليم القرآن الكريم وأحاديث الرسول r، فقد كتب إلى الخليفة عمر بن الخطابt، أن أهل الشام قد كثروا وملأوا المدائن واحتاجوا لمن يعلمهم القرآن ويفقههم، فبعث عدد من الصحابة أمثال أبي الدرداء ومعاذ وغيره([vi]). كما قال الأمام عليu:
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن أستهدى أدلاء
وقدرُ كل امرئ ما كان يحسنه والجاهلــون لأهل العلم أعداء
فافخر بعلم تعش حياً به أبدا الناس موتى وأهل العلم أحياء([vii])
أما في العصر الأموي، فقد ظهر المؤدب([viii]) الخاص في البيوت، وهو تكليف أحد الأساتذة بتأديب الأولاد في البيوت مقابل أجر معين، وهذا نمط جديد في التعلم، يؤكد حرص الخلفاء الأمويين على الاهتمام بالتربية العلمية، لأن التأديب في ذلك الوقت عمل علمي جليل، لا يليه إلا كل عالم ضليع باللغة والأدب، ولا يسند إلا إلى أهل النبل والاستقامة ليكون تأديبهم بالقدوة قبل الكلمة([ix]). فقد قال عتبة بن أبي سفيان لعبد الصمد([x]) مؤدب ولده: "وعلمهم كتاب الله، ولا تكرههم عليه فيملوه ولا تتركهم منه فيهجروه"([xi]). ومن أشهر مؤدبي خلفاء بني أمية أبو الحارث صالح بن كيسان([xii]).
هوامش البحث:
([i]) سورة يوسف أية/76، سورة النحل أية/70، سورة القصص أية/78، سورة فاطر أية/28، سورة النمل أية/15، سورة طه أية/14، سورة التوبة/ أية 122.
([ii]) النووي، محي الدين (ت676هـ)، روضة الطالبين، تحقيق: عادل أحمد وآخرون، (بيروت: دار الكتاب، د.ت)، ج1، ص6. لمزيد من المعلومات ينظر: عبد الدائم، عبد الله، التربية عبر التاريخ من العصور القديمة حتى أوائل القرن العشرين، (بيروت: دار العلم للملايين، 1973)، ص181 وما بعدها.
([iii]) المازندراني، مولى محمد (ت1081هـ)، شرح أصول الكافي، تحقيق: الميرزا أبو الحسن، (لبنان: دار أحياء التراث العربي، 2000)، ج6، ص136.
([iv]) عبد الدايم، التربية عبر التاريخ، ص182.
([v]) م. ن، ص182.
([vi]) الخربوطلي، علي حسن، الحضارة العربية الإسلامية، (القاهرة: مكتبة الخانجي، د.ت)، ص245.
([vii]) الأبراشي، محمد عطية، تاريخ علماء المسلمين وأثارهم في التربية، ط4، (القاهرة: دار النهضة، 1996)، ص69.
([viii]) المؤدب: معلم خاص، مربي، قانون، كافل أو ولي التربية، يعين لمن كان دون سن المراهقة. الفاروقي، حارث سليمان، المعجم القانوني، (بيروت: مكتبة لبنان، 1991)، ج20، ص711.
([ix]) ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمد (ت381هـ)، الأخوان، تحقيق: محمد عبد الرحمن وآخرون، (دار الاعتصام، د.ت) ص34.
([x]) عبد الصمد بن عبد الأعلى: مؤدب ولد الخليفة هشام بن عبد الملك وغيرهم من أولاد بني أمية، البغدادي، أبو بكر، تاريخ بغداد، تحقيق: مصطفى عبد القادر، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1997)، ج3، ص404؛ بن أبي الحديد، عز الدين عبد الحميد (ت655هـ)، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، (دار أحياء التراث، 1959م)، ج5، ص39.
([xi]) الخربوطلي، الحضارة العربية، ص249.
([xii]) العيني، محمود بن أحمد (ت855هـ)، عمدة القاري، (بيروت، دار أحياء التراث، د.ت)، ج4، ص220.