
ثقافة التعامل مع الطفل
Author(s) -
فراس يوسف قنبر
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss36.1295
Subject(s) - psychology
لا شك في ان من أهم مميزات العصر الذي نعيش فيه الاهتمام بشئون التربية ، حتى ان عدداً من رجال الفكر لم يترددوا في ان يطلقوا على العصر الحالي أسم ( عصر التربية ) ، والحقيقة ان مفهوم التربية بات من الأغراض الأساسية التي تسعى غالبية الدول في العالم اليوم الى تطويرها وذلك من خلال هدم المبادئ والنظم التربوية القديمة لتقيم على أنقاضها فناً تربوياً جديداً أساسه ملاحظة الطفل وكيفية التعامل معه ، وفي نفس الوقت تعمل على دراسة طبيعته وميوله واستعداداته بصورة علمية ، ومحاولة فهم نفسيته فهماً دقيقاً . ان الاهتمام بدراسة كيفية التعامل مع الطفل لم يكن وليد هذه اللحظة وإنما تخصص في هذا المجال العديد من العلماء والمختصين الاجتماعيين وعلم نفس الطفل على وجه الخصوص . ان هذا الاهتمام الشديد يدعونا الى التساؤل ، لماذا هذا الاهتمام بشئون التربية وفن ثقافة التعامل مع الأطفال ؟
ان هذا الاهتمام قد يرجع بالدرجة الأساسية إلى الرأي العام الذي انتبه إلى إن التربية العصرية باتت ضرورة ملحة وحيوية للمجتمع ، إذ يقول العالم : (جون ديوي gown Dewey ) ، أستاذ التربية الأمريكية في ذلك : ( اعتقد اعتقاداً جازماً ان التربية وثقافة التعامل مع الأطفال هي الوسيلة الأساسية للتقدم الإنساني ، وإنها الأساس الذي يجب ان يقوم عليه كل أصلاح اجتماعي ) .
والواقع ان الإصلاحات التي لا تستند إلا على ما يشرع من قوانيين ، تعد إصلاحات عقيمة ، لأنها لا تحدث في كيان المجتمع إلا تغيرات سطحية ، ولذلك لا يمكن ان يكتب لها البقاء والاستمرار . إما الأصح الحقيقي فهو الذي يبدأ من الأصول ، وهي ثقافة التعامل مع الأطفال وفق معايير جديدة وحديثة وهي بذلك تعد الوسيلة الوحيدة لتقدم تلك الأصول . فعن طريق التربية يستطيع المجتمع ان يرسم الغاية النبيلة التي يريد تحقيقها لأداء رسالته الحضارية كاملة ، وعن طريق التربية يستطيع ان يكون رجالاً يتجهون به نحو تحقيق تلك الغاية . فإذا أردنا ان نحقق الرفاهية للمجتمع ، وان نضمن له اطراد التقدم ، وجب ان نبدأ عملنا عن طريق تربية النشء على أسس سليمة . وفي هذا أود القول بمن يستخفون بأمور التربية ويعتبرونها أقل خطراً إذا ما قيست بمسائل السياسة والاقتصاد والتشريع . والحقيقة ان التربية اخطر شأناً من هذه المسائل مجتمعة لأنها قوام المجتمع . ولا تستطيع إي أمة ان تنجب أبناء نابغين في أمور السياسة والاقتصاد والتشريع ، يتصفون إلى جانب نبوغهم بحبهم لوطنهم وتفانيهم لإعلاء شأنه ، إلا إذا نشأتهم منذ صغرهم ونعومة أظفارهم على أصول قويمة ، وراعت في تربيتهم إن يحققوا يوماً ما تصبو إلى تحقيقه من أهداف