
الحاج علوان حمزة السعود باحثاً ومصلحاً اجتماعياً
Author(s) -
مهدي هاشم محمد المعموري
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss28.1159
Subject(s) - geography
تولدت لدينا الرغبة لتسليط الضوء على شخصية صيراوية كان لها دورا اجتماعيا ودينيا وفكريا تجلت صورة بوضوح خلال عقد التسعينات من القرن المنصرم، مما كان له الحظوة المتميزة في نفوس اغلب أهالي قضاء الصويره مدينة وأريافها، بالرغم من اتخاذه جانب العزلة متخذا من الصمت سلاحا ليصل به الى قلوب الناس وكانت تلك الصفة أبرز سماته التي لازمته طوال حياته وخاصة حينما بدأ نضوجه الفكري والذي اتخذ منحا دينيا، لا لشيء إلا لتلافي توجه اعين النظام الحاكم التي عملت على مراقبة كافة الحركات المناهضة له سواء كانت فردية او جماعية ومحاولة تضيق الخناق عليها حفاظا على مكتسباته الثورية وضمانا لبقائه في السلطة متوحدا. ولهذا آل الحاج علوان حمزة السعودي على نفسه بعدم التقرب الى أية توجه سياسي أو حركة دينية ومنذ نعومة أظفاره بالرغم من أنه عاصر أغلب الأحداث السياسية التي مرت على العراق خلال الحقبة المعاصرة وبالرغم من أنه يعد من الطبقة المثقفة كونه عمل في التربية والتعليم منذ عام 1951 ، أيمانا منه أن العمل السياسي من الأعمال الغير ثابتة والتي ليس لها مبدأ يمكن ان تقف عنده وهذا ما هو يخالف شخصية وتوجهاته التي غالبا ما تنحى منحا دينيا، لاسيما وانه درَس طيلة فترة عملة في التعليم مادة الدين والتربية الإسلامية وهذا مما عمق في نفسه التوجه الديني، أو ربما نتيجة لنشأته إذ نشأ وحيدا إذ كان أخ لأخت واحدة تحضنهم أم آلت على نفسها العيش مع ابنها الوحيد بعيدا عن مضايقات الزوجة الثانية لزوجها (الضرة)، مما رسخ في نفسه بعدم الخوض بغمار السياسة وما فيها من مخاطر.
كانت لتلك العزلة النسبية عن المجتمع والابتعاد عن التوجهات السياسية قد شفعت له بعدم مضايقته من قبل عناصر نظام البعث الحاكم حتى أنهم كانوا يكنون له الاحترام والتقدير لكونه رجل تربويا وذا هيبة في المجتمع بالرغم من عدم انتمائه للحزب إذ أطلقوا عليه بـ (الرجل الصامت) وفعلا أنه آل على نفسه أن يلتزم الصمت ولا يدلي بأي رأي يخص السياسة أو النظام الحاكم آنذاك.
سطع نجم الحاج علون رحمه الله بعد أن تم اختياره من قبل أحد قيادات حزب البعث (قيادة فرع الصويرة لحزب البعث) في أن يلعب دور الأب الروحي والديني لأبناء قضاء الصويرة وذلك بغية تخفيف أثر الأزمة الاقتصادية أبان توقيع مذكرة التفاهم وثيقة الأمم المتحدة النفط مقابل الغذاء والدواء عام 1995، التي اطلق عليها محليا بـ (نزلة رمضان) والتي كان لها الأثر النفسي على الشعب العراقي ومن ضمنه أهالي الصويرة.
توفي الحاج علوان (رحمه الله) وقد حظي بتشيع مهيب من قبل محبيه إذ حمل نعش جنازته على أكتاف أبناء الصويرة بكافة طوائفهم إيفاء منهم لدوره الأبوي الذي مارسه معهم جميعا دون استثناء، حتى انه دفع بأئمة الجوامع الدعاء والترحم عليه إلى الآن ، كما دفع أحد أهالي الصويرة متبرعا برسم صورة جداريه له ونصبت في مدخل أبرز شوارع المدينة وذلك بعد أخذ الموافقات الأصولية والقانونية ، ليكون بذلك الحاج علوان (رحمه الله) من الرموز المهمة في تاريخ قضاء الصويرة . وترك عدة مؤلفات دينية خاصة بعلم الحديث وعلم الرجال وهي ثمرت جهده العلمي لمدة خمسون سنة ، وقد طبعت في حياته جزء من تلك المؤلفات بمطبعة احد أبناء المدينة متبرعا بغية الحفاظ على نتاج الحاج الفكري ، وبقي الجزء الأكبر منها كمخطوطات مكتوبة بخط يده الكريمة ، وبعد وفاته رحمه الله ارتأى أبنائه ان تودع مؤلفاته في مكتبة جامعة السيد عليوي بهيه بغية الاستفادة منها من قبل الباحثين والمصلين . تمكن الباحث بتوفيق من الله تعالى من لملمة شتات الأوراق وبقايا الأحبة والأصدقاء للحاج علوان (رحمه الله)، ليخرج بمعالم هذه الشخصية المهمة بعد أن كادت أن يكتب عليها الموت الحقيقي نتيجة لعدم اهتمام الباحثين والمفكرين وابتعاد المؤرخين عنها .
جاء البحث بأربعة مباحث ومقدمة وخاتمة، تطرق المبحث الاول الى نشأة الحاج علوان الاسرية والعلمية ، اما المبحث الثاني فسلط الضوء على مرحلة نضوجه الديني والفكري، كما جاء المبحث الثالث لينقل لنا الصراع الذي عاشه الحاج مع الاحزاب السياسية المعاصرة، حتى سطع نجم الحاج منتصف عقد التسعينات ليكون الأب الروحي لأبناء قضاء الصويرة بمشاركتهم آلامهم وضنك العيش معهم .