z-logo
open-access-imgOpen Access
مكانة التصوف في مجتمع دولة (1) مغول فارس والعراق (656 ـ 738هـ)(2) (دراسة تاريخية)
Author(s) -
رياض عبد الحسين راضي البدراوي
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss24.541
Subject(s) - chemistry
    وصل التصوف ([i]) مكانة عالية في جميع بلدان العالم الإسلامي ـ لاسيما في القرن الخامس الهجري وما تلاه ـ فاقت مكانة جميع القوى الدينية في مجتمع الإسلام، نظرا لما يمتلكه من نفوذ روحي كبير، وقاعدة شعبية واسعة، تلك الميزات مكنته ان يهيمن على جميع جوانب الحياة.     ان تلك الهيمنة التي كان يفرضها التيار الصوفي على المجتمع كانت مثار انتباه المؤسسة السياسية في دولة مغول فارس والعراق بشكل كبير، الامر الذي دفعها ان تتحرك بقوة لاحتضانه، ودمجه في المؤسسة السياسية؛ لإدراكها أهميته في دعم شرعيتها في الحكم، وفرض سيطرتها على الرعية، وتوظيف ما يمتلكه من نفوذ واسع، وسطوة قوية على المجتمع في مواجهة معارضيها، وخدمة مصالحها السياسية، ومساعدتها في إدارة الدولة بسهولة ويسر.  وفي ضوء هذا المحتوى احتضنت المؤسسة السياسية السلجوقية في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري التيار الصوفي بكل قوة، وقد اخذ وزيرها الشهير نظام الملك (408 ـ 485 هـ) تولي تلك المهمة على عاتقه، وذلك التوجه كان ضمن سياسة ([ii])السلطنة وخططها في مواجهة الفاطميين أعداء العباسيين، وبعد زوال السيطرة السلجوقية عن بغداد عاصمة الخلافة العباسية أواخر النصف الثاني من القرن السادس الهجري، بقى التيار الصوفي محتفظا بتلك المكانة، ولم يتأثر بتلك التطورات السياسية التي أعقبت غياب السيطرة السلجوقية عن دار الخلافة؛ نظرا لما يمتلكه من مقومات السيطرة والنفوذ على عقول وقلوب الناس([iii])، ونظرا لتلك المزايا التي يمتلكها التيار الصوفي، واصل الخلفاء العباسيون الاواخر تبنيهم للتصوف اسوة بالسلاطين السلاجقة، وكان الخليفة أبو العباس أحمد الناصر لدين الله (575هـ-622هـ) بارزا في هذا التوجه على نحو واضح([iv]).   (([i]التصوف او العرفان في نظر المسلمين هو أحد العلوم الشرعية الحادثة في الملة مثل ما عين خصوصياته ابن خلدون ويقوم على " العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدّنيا وزينتها، والزّهد يقبل عليه الجمهور من لذّة ومال وجاه والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة وكان ذلك عامّا في الصّحابة والسّلف. فلمّا فشا الإقبال على الدّنيا في القرن الثّاني وما بعده وجنح النّاس إلى مخالطة الدّنيا اختصّ المقبلون على العبادة باسم الصّوفيّة والمتصوّفة" ، المقدمة من كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة ايام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، تحقيق: خليل شحاته، (بيروت: دار الفكر، 1988)ج1، ص 611. وحدد معناه بحكم سلوكه وغايته الباحث المتخصص قاسم غني بانه "طريقة يمزج الدين فيها بالفلسفة ويرى معتنقوها انها هي وحدها الكفيلة بالوصول الى الحق وهذا الوصول الى الكمال والحق متوقف على السير والسلوك والتفكير والمشاهدة التي تؤدي بصاحبها الى الوجد والحال والذوق وتوصل الانسان في النهاية بطريقة رمزية الى الله تعالى، وسالكو هذه الطريقة يعرفون بالصوفية او العارفين واهل الكشف وهم يسمون أنفسهم اهل الحق"، قاسم غني، تاريخ التصوف في الإسلام، تعريب، صادق نشأت، (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية ،1970) ص 13. في حين حدد معناه بحكم جوهره هملتون جب، بكونه "اتجاها دينيا شخصيا يؤكد التجربة الحدسية ويعارض المعرفة العقلية" هاملتون جب، تفسير للتاريخ الاسلامي في دراسات في حضارة الاسلام، تحرير، ستانفورد شو ووليم بولك، تعريب، حسان عباس، محمد يوسف النجم، ومحمود زايد، ط3(بيروت: دار العلم للملايين، 1979)، ص39 (([ii] انظر: جب، تفسير للتاريخ الاسلامي في دراسات في حضارة الاسلام،  ص 31 ـ 35. (([iii] انظر: المرجع نفسه، ص 36ـ 40. (([iv] بشأن توجه الخليفة العباسي الناصر لدين الله نحو التصوف انظر: محمد مفيد آل ياسين، الحياة الفكرية في العراق في القرن السابع الهجري (بغداد :الدار العربية للطبعة ، 1979م) ، ص 59 ـ 62.

The content you want is available to Zendy users.

Already have an account? Click here to sign in.
Having issues? You can contact us here