z-logo
open-access-imgOpen Access
قضايا لهجيّة في شواهد شعريّة
Author(s) -
نعيم سلمان البدريّ
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss24.489
Subject(s) - chemistry
حفلت كتب النحو بآلاف الشواهد الشعريّة, واهتمّ النحويّون اهتماما بالغا بالشاهد الشعريّ, ويمكن أن يعدّ الشعر المصدر الثاني بعد القرآن الكريم في شواهدهم من حيث الأهميّة، وربّما كان كذلك أيضا من حيث النسبة. وقد كان للشعر سلطان قويّ على النحويّين, سواء في إثبات القاعدة النحويّة أم في تأييدها. غير أنّ الشعر العربيّ لم يسلم من خطر الوضع والنحل والانتحال, يقول ابن سلّام ت231هـ:" وفي الشعر مصنوعٌ مُفْتعَلٌ موضوع كثير لا خيرَ فيه، ولا حجّةَ في عربيّة, ولا أدبٌ يُسْتفادُ، ولا معنى يستخرج، .... وقد تداوله قوم من كتاب إلى كتاب لم يأخذوه عن أهل البادية, ولم يعرضوه على العلماء"([i]). ويظهر أنّ بعض الرواة وبعض الشعراء كانوا يصنعون الشواهد ويخدعون بها العلماء أو يكذبونها عليهم، وعلى الرغم من أنّ ظاهرة النحل والانتحال في الشعر العربيّ قد شغلت الباحثين في العصر الحديث كثيرا ([ii])، وألّفت فيها بحوث ودراسات إلّا أنّ الظاهرة لم تكن جديدة في الثقافة العربيّة ؛ ذلك أنّ تاريخ الانتحال يرجع كما يظهر إلى العصر الجاهليّ  إذ نجد شاعرا كبيرا مثل الأعشى يدافع عن نفسه وينفي عنها تهمة الانتحال بقوله ([iii]): فما أَنا أَمْ ما انتِحالي القَوَا في بَعْدَ المـَشيبِ كَفى ذاكَ عارا ونرى أنّ نصّ ابن سلّام يدلّ بشكل واضح على أنّ الظاهرة أصبحت مشكلا في زمنه :" وفي الشعر مصنوعٌ مفتعَلٌ موضوع كثير .... ". ولا شكّ أنّ طائفة من هذا الكثير الموضوع والمصنوع المفتعل قد تسرّب إلى شعرنا العربيّ القديم ، وأنّ قسما من هذا الكثير قد تسرّب إلى شواهد النحويّين واللغويّين ، وقد ذكرت لنا المصادر جملة من شواهد الشعر ممّا شكّ فيه القدماء أو قطعوا بأنّه مصنوع موضوع([iv]). وعلى الرغم ممّا تقدّم أرى أنّنا لا نستطيع أن نتّهم علماء العربيّة أنّهم كانوا يصنعون الشواهد أو يكذبون فيما يروونه منها ؛ ذلك أنّ النصوص التي بين أيدينا تشير إلى أنّ بعض الرواة وبعض الشعراء كانوا يصنعون الشواهد ويخدعون بها العلماء أو يكذبونها عليهم ، إذ روى الأصمعيُّ ت216هـ عن يونس بن حبيب ت183هـ قال :" قال لي رؤبة بن العجاج حَتَّامَ تسألني عن هذه البواطيل وَأزَخْرِفُهَا لَكَ ؟ أمَا تَرَى الشَّيْبَ قد بَلَّعَ في لحيتكَ؟...."([v]). وروى ابن سلّام ت231هـ عن يونس أيضا أنّه قال :" قال لي رؤبة: حتّى متى تسألني عن هذه الأباطيل وأزوّقها لك؟ أما ترى الشيب قد بلّع في رأسك ولحيتك؟"([vi]). ولا شكّ لديّ في صحّة الروايتين فالأصمعيّ وابن سلّام بصريّان معاصران ليونس ، وهما ينقلان عنه من غير واسطة. وقد عمد النحويّون إلى توثيق الشاهد الشعريّ والاطمئنان إلى صحّته قبل الاستشهاد به؟. تقول الدكتورة خديجة الحديثيّ: "نجد النحاة ينظرون إلى الشعر بعين الريبة, ولا يعتمدون منه إلّا ما ثبت عندهم صحّة نسبته إلى قائله وفصاحة قائله , وصدق راويه والوثوق فيه , وخلوّه من الضرورات"([vii]).   ([i]) طبقات فحول الشعراء 1/4 . ([ii]) تنظر جملة من الدراسات التي تناولت موضوع النحل والانتحال في الشعر الجاهلي في : الشعر المنحول قضايا ونصوص 72 ــ 71. ([iii]) ينظر ديوان الأعشى 53 . ([iv]) للوقوف على أمثلة من تلك الشواهد ينظر مثلا : كتاب سيبويه 1/188 ، ومعاني القرآن (الفرّاء) 3/242 ، وسرّ صناعة الإعراب 1/82 ، والإنصاف (الأنباريّ) 454 , ومغني اللبيب 2/715 . ([v]) أخبار النحويين البصريين 28 . ([vi]) طبقات فحول الشعراء 2/767 . ([vii]) الشاهد وأصول النحو 104, وينظر: الخصائص 3/309 ــ 312, والمزهر 2/302 ــ 304 , إذ أحالت عليهما .

The content you want is available to Zendy users.

Already have an account? Click here to sign in.
Having issues? You can contact us here