مظاهر الطائفية في العراق- رؤية سوسيولوجية

في كتابه (نظرية السلوك الجمعي) Theory of Collective Behavior يتكلم نيل سملزر عما يسميه Structural Conduciveness أو الكوامن البنائية التي تمثل نوعاً من الخلايا (الثقافية) النائمة المعززة بتجارب تتواتر بين مدة أو مرحلة تاريخية وأخرى . تتميز تلك الكوامن بكونها قابلة للتحول من كونها خبرة شبه مستقره في اللاشعور الجمعي ، إلى فعل تتناسب قوته طرديا مع شدة ومرارة الخبرة أو الخبرات السابقة ، إلى جانب شدة ومرارة الخبرة القائمة أو الممارسة على صعيد المواقع . بمعنى أن تلك الكوامن (النائمة) ما إن تجد بيئة ذات خصائص معينة حتى تتحول من خبرة ذات مضمون اجتماعي – تاريخي إلى فعل اجتماعي ، يعيد (ترسيبها) في العقل الجمعي ، وفي الوقت ذاته يجدد تأثيرها على مستوى الواقع . أن أحداثا معينة وعوامل مساعدة مثل الإشاعات تلعب دورها في أيقاظ تلك الكوامن .  في العراق لا يمكن غض النظر عن حقيقة أن العلاقات الاثنية – بما فيها الطائفية والدينية – كانت على مر التاريخ الاجتماعي تشهد توترات تتصاعد لتأخذ صورة صراعات دموية وخصوصا بتأثير عوامل مثل التدخل الخارجي (بل أن العراق كان ضحية الصراع التركي الإيراني لعدة قرون) وبتعزيز ومبررات تطلقها المنابر الدينية بنوع من (الحث) الطائفي الذي يشير ويوقظ تلك الكوامن فترتفع إلى السطح وتدفع باتجاه قياس الحاضر على الماضي بكل ما يعنيه ذلك من استحضار للعداوات والخبرات السلبية وخصوصا فيما يتعلق بقضيتين .