
التعددية الدينية عند إخــوان الصفــاء
Author(s) -
الدكتور مهدي طه مكي جامعـــــــــة بابـــــــل كلية الاداب
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss13.815
Subject(s) - chemistry , physics , medicine
يعتقد اخوان الصفاء ان طريق الخلاص مفتوح أمام جميع الأديان، وليس حكراً على المسلمين وحدهم، فلا يتحدثون عن دين الخلاص ولا عن الفرقة الناجية، ((فالناجي في الآخرة من كان جامعاً لفضائل الأمم والأديان كلها))([i])، وعندما يذكر الاخوان العابدين التائبين لا يشيرون إلى المساجد وحدها، كأماكن للعبادة، وإنما يشيرون إلى الهياكل والمساجد والبيع، أي إلى أماكن العبادة لدى جميع الأديان ومن ذلك قولهم ((إن أحق النفوس الإنسانية ان تنتقل إلى رتبة الملائكة، هي النفوس المتعوبة في التعبد ، المنقادة لاحكام الشريعة، الخادمة في الهياكل والمساجد والبيع، والصلوات والصوم والقرابين والدعاء والتأله ([ii])، وكما ذكر الله تعالى بقوله )إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ( ([iii]). ان هذه الآية التي يستشهد بها الاخوان هنا واضحة الدلالة، فأهل الأديان السماوية، وكل من آمن بالله واليوم الآخر، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وإن ما يميز مذهب اخوان الصفاء عن كثير من مذاهب الخلاص، هو تركيزهم على ان النجاة التي يسعون إليها لا تتحقق إلا بالجهد الجمعي المشترك، وتعاون الأفراد مع بعضهم على تحقيقها، فكما أن البشر محتاجون للتعاون في شؤون دنياهم، كذلك هم محتاجون إليه في شؤون آخرتهم .
يقول الاخوان: اعلم ياأخي، أيدك الله وإيانا بروح منه، انه ينبغي لك أن تتيقن بأنك لا تقدر أن تنجو وحدك مما وقعت من محنة هذه الدنيا وآفاتها بالجناية التي كانت من أبينا آدم u ، لأنك محتاج في نجاتك وتخلصك من هذه الدنيا... والصعود إلى عالم الأفلاك... إلى معاونة اخوان لك نصحاء وأصدقاء لك فضلاء ، متبصرين بأمر الدين علماء بحقائق الأمور، ليُعرفوك طرائق الآخرة وكيفية الوصول إليها، والنجاة من الورطة التي وقعنا فيها كلنا بجناية أبينا آدم u ... ([iv]).
ومما يلاحظ هناك ان الاخوان لا يقولون بأن الخلاص هو لاتباع الدين الإسلامي فقط، وان جميع أتباع الأديان الأخرى هم في الجحيم، أو أنهم محرمون من أي نصيب من السعادة.
فإذا كان المُبشر أو المبلغ المسيحي يقول في مواعظه : انه لا سبيل إلى الجنة سوى سبيل واحد فقط، وان هذا السبيل لا يمكن العثور عليه إلا في التعاليم المسيحية، أو كما يقول أوغسطين ((لا خلاص خارج الكنيسة)) ([v])، فان الاخوان يقولون ((الناجي في الآخرة من كان جامعاً لفضائل الأمم والأديان كلها))([vi]).
وكما يقول جون هيك ((من المستحيل القول بأن فرصة الخلاص قد منحت لهؤلاء الذين ولدوا في بلاد معينة وفي فترة معينة من التاريخ ، فهذه الفكرة ليست دينية، ولا يمكن دعمها أخلاقياً)) ([vii]).
([i])المصدر نفسه، ج4، ص120- 121.
([ii]) المصدر نفسه.
([iii])سورة البقرة، الآية 62.
([iv]) رسائل اخوان الصفاء، ج1، ص99- 100.
([v]) وجيه قانصو، التعددية الدينية عند جون هيك، ص52.
([vi]) رسائل اخوان الصفاء، ج4،ص 361.
([vii]) وجيه قانصو، التعددية الدينية عند جون هيك، ص16.