z-logo
open-access-imgOpen Access
المنهج المعرفي لدى المدارس الأخلاقية بعد أرسطو
Author(s) -
ا.م.د.حامد حمزة حمد ، كلية الآداب ، جامعة واسط.
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss12.839
Subject(s) - psychology
كانت بلاد اليونان القديمة منارا للعلم والفلسفة والفن ، ومنبع للأسطورة وولادة الأبطال ،وارض خصبة للحرية والديمقراطية التي كانت سبب الانتصارات التي حققها اليونان في كافة المجالات حسب ما يرى أرسطو ذلك (1)، وتجسد كل ذلك الإرث في تأسيس الإمبراطورية اليونانية الكبيرة في الشرق والغرب حينما قادة الاسكندر المقدوني الحملات العسكرية الكبيرة آنذاك هادفا إلى بناء دولة كبيرة لليونان توازي ما أنتجه المفكر اليوناني من فكر وفلسفة وفن وعلوم مختلفة جعلت العقل اليوناني مميزا عن بقية الشعوب الأخرى، على الرغم من أن الاسكندر لم يجن ثمار حروبه ألطويلة، ولم تكتمل قواعد وأسس تلك الامبراطورية التي وضعها وخطط لها، ولم يعود إلى بلاده أبدا، ولم يدفن فيها بعد موته المفاجئ في بلاد بابل ،بل حملت جثته إلى الإسكندرية في مصر، التي كانت منارا للفلسفة اليونانية بعد أثينا.      لقد انتشرت الثقافة اليونانية بشكل واسع بين شعوب الشرق ،وتعارف كلا الطرفين على ثقافة الآخر، وتأثر كل منهما بالأخر، وقامت في تلك البلدان مدارس فلسفية جديدة مثلت الفكر والفلسفة اليونانية بكل جوانبها مع اهتمام واضح بعلم الاخلاق، ولكن هذا لا يعني إن أثينا لم يكن لها دور في الفلسفة والفكر في تلك المدة ،بل احتضنت أثينا أعظم المدارس الأخلاقية بعد أرسطو ،منها مدرستان متعاصرتان،هما الابيقورية والرواقية،والثالثة تمثلت بفلسفة الشكاك، فضلا عن مدارس أخرى قامت خارج البلاد اليونانية ولكنها احتفظت بالروح اليونانية في الفكر والفلسفة، مثل مدرسة الإسكندرية ورودس وميغارا. وسعت تلك المدارس الى تجديد الفلسفة اليونانية القديمة مع ميل إلى الأخلاق كبير،واعتماد الطبيعة والمنطق وتسخيرها لخدمة الأخلاق،ومزج الفكر الشرقي ممثلا بالدين والسحر والتنجيم والعرافة بالفلسفة والثقافة اليونانية،حيث تم إنتاج فكر جديد عبارة عن فلسفة دينية أو دين مفلسف،كان للأخلاق النصيب الأكبر فيه. ان اصل الاختلاف والتباين بين وجهات نظر الفلاسفة والمفكرين يعود الى الجهل للهدف الحقيقي من الوجود وأسبابه، ولربما كان لذلك الاختلاف الاثر الايجابي على الفلسفة والعلم،فكل طرف يحاول اثبات ما يطرحه من الافكار، ونتيجة لذلك يستمر الصراع الفكري، والذي بدوره يودي الى الارتقاء بالفكر والفلسفة، لان الاختلاف في وجهات النظر يساعد على التطور والارتقاء.      ان كل ذلك دفع الفلاسفة والمفكرين للبحث عن اجابات لتلك التساؤلات عن مبدأ الوجود وأسبابه، وشكلت تلك الاجابات الاتجاهات الفلسفية التي تفرعت عنها لاحقا مذاهب اخرى، اسست لثنائيات معرفية متنوعة، مثل(الوجود واللاوجود)،و(التناهي واللاتناهي)،و(العقل والحس)،و(النظام والفوضى)، شكلت الاخيرة بدورها العناصر الاساسية في البناء المعرفي والعلمي في التراث الانساني، وتلك الثنائيات كانت محكومة ببعدها او قربها من الحقيقة، ويتم ذلك بإخضاعها لقواعد العقل او الحس،فالمعرفة بشكل عام اما ان تكون عقلية او حسية، ولا تخرج معظم الاتجاهات الفلسفية والعلمية من هذا الاطار، فالحقيقة عند العقليين تكمن في كل ما يتجاوز العالم المادي والحسي ويقع خارج اطاره، في حين هي عند الحسيين تكمن في مظاهر الوجود الحسي، وكان ذلك الاختلاف سببا في بلوغ الحقيقة المعرفية عن طريق اتباع المناهج المتاحة لهم في ذلك.كما ان ذلك ساعد على تصنيف الفلاسفة والعلماء حسب المناهج المتبعة في دراستهم ،فالذين اتبعوا العقل ومنهجه في العلم، سموا بالعقليين،اما الذين اتبعوا الحس وطرائقه في ألمعرفة، اطلق عليهم اسم الحسيين، وهو ما يتصف به فلاسفة المدارس الاخلاقية اليونانية بعد ارسطو موضوع بحثنا .

The content you want is available to Zendy users.

Already have an account? Click here to sign in.
Having issues? You can contact us here