رسالة لبقراط الحكيم في تعليم المعالجات وترغيب الناس باستعمال الطب في الأحوال (دراسة وتحقيق)

أ- الطب عند اليونان. مما لا ريب فيه أن المعرفة الطبية والصيدلانية للبابليين ، والمصريين القدماء قد وجدت طريقها إلى اليونان شأنها شأن سائر المعارف القديمة التي انتقلت إلى اليونان بفضل الاتصال الحضاري والتجاري([1]). وقد اتفق كثير من قدماء الفلاسفة والمتطببين بأن اسقيليوس (في القرن السابع قبل الميلاد): ((هو أول من ذُكر من الأطباء وأول من تكلم في شيء من الطب عن طريق التجربة))([2])، واشتهر بين الناس نتيجة أفعاله الطبية، وقام بتعليم أولاده وأقاربه هذه المهنة على أن لا يعلّموها لأي إنسان آخر عدا أولادهم ومن هو من نسل اسقيليوس نفسه([3]). أما أبقراط، فهو المعلم السابع من المعلمين الذين انتهت إليهم رئاسة الطب، ومن الأطباء اليونانيين، كذلك ديسقوريدس ويُسمى أيضاً (أزردمش يناديش) ، ومعناه باللغة اليونانية (الخارج عنا) كان معتزلاً عن قومه، متعلقاً بالجبال ومواضع النباتات، ولا يدخل في قومه بطاعة ولا مشورة ولا حكم، وكان يتنقّل في البلدان لمعرفة الحشائش والنظر إليها في منابتها، لذلك لُقِّب بالسائح، له مقالات عديدة في الطب نالت اهتمام الحكماء من بعده ومنهم جالينوس الطبيب والفيلسوف الطبيعي اليوناني (نحو 200 – 288م) من مدينة فرغاموس اليونانية، إمام الأطباء في عصره ورئيس الطبيعيين في وقته، ظهر بعد أبقراط وهو مؤلف الكتب الجليلة في الطب وغيره من علم الطبيعة، ومؤلفاته تُنيف على ستين مؤلفاً، تخصَّصَ في علم التشريح ولم يسبقه أحد إليه، ألّف فيه سبع عشرة مقالة في تشريح الموتى، وله كتاب واحد في تشريح الأطباء([4])، وقد أجرى عمليات على الحيوانات بهدف اكتشاف جسم الإنسان([5])، وقد اقتصر العرب في تعليم التشريح على كتب جالينوس بصورة خاصة، وأجرى عمليات على الحيوانات لهدف اكتشاف جسم الإنسان([6]). ب- نطاق الدراسة.  تضمنت الدراسة ثلاث فقرات، خصصنا الأولى منها لترجمة المؤلف ، فذكرنا اسمه، وولادته ، وسيرته ، ثم أولاده ، وتلاميذه ، ومؤلفاته ، وما تُرجم منها بلغة العرب ، وختمناها بوفاته. أما الفقرة الثانية فقد تناولنا فيها منهج التحقيق من حيث وصف نسخة المخطوط، ومكانها، وقياسها، وعدد أسطر الصفحات، ومتوسط عدد كلمات كل صفحة، ووصفنا بعد ذلك النسخة الأولى والأخيرة للمخطوطة. أما الفقرة الثالثة فقد خصصناها لمتن المخطوطة تحت عنوان : ( النسخة المعتمدة في التحقيق). واعتمدنا في دراستنا على العديد من المصادر والمراجع التي اهتمَّت بالطب والصيدلة، وهي مثبتة في قائمة خاصة في نهاية البحث. وبعد فإن ما قمنا به ما هو إلاّ محاولة متواضعة لإخراج هذه النسخة بما يليق بها، داعياً المولى عز وجل أن ينفعنا به، إنه سميع مجيب، والله الموفق.   ([1]) رويحة، التداوي بالأعشاب، ص16. ([2]) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ج1/ ص29. ([3]) المصدر نفسه، ج1/ ص33 – 39. ([4]) ابن جلجل، طبقات الأطباء والحكماء، ص42. ([5]) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ج1/ ص108 – 124؛ القزويني، آثار البلاد، ص573. ([6]) الدومييلي، العلم عند العرب، ص51.