z-logo
open-access-imgOpen Access
شعـر كثيّر عـزة قـراءة فـي الأنساق الثقافيـة المضمرة
Author(s) -
جميل بدوي حمد الزهيري
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss10.877
Subject(s) - business
لم يكن الإنسان مخلوقاً مستلماً لمحيطه، وما يعيشه في بيئته، فبفضل ما حباه الله من العقل تحرك الإنسان باحثاً عن أسباب استغلال ما يحيط به لخدمته بوسائل شتى واضعاً في حسبانه ما يهدد وجوده في هذا العالم متخَّذاً أساليب للدفاع عن نفسه، فهو كائن عاقل ناطق غريزي يطمح إلى أن يعيش مدة أطول، ولهذا أخذ يدافع عن وجوده إزاء ما يهدده من عناصر الطبيعة كالعواصف والأعاصير والرعد والبرق والأمراض والحيوانات والجنّ، وكل ما يهدد كيانه، فلا بدّ له من بذل أنشطته على هذا الكوكب؛ لإدراك غايته المنشودة؛ فالتجأ إلى الخرافات والأساطير حتى انه رسم على جدران الكهوف رسوماً لمخلوقات ظنّاً منه بأنه سيخضعه بهذه الطريقة، أو تلك، وكلما تطور فكره تطورت أساليبه تبعاً لنضجه العقلي، فهو يبحث دائماً عن ما وراء الأشياء؛ لإخضاعها لخدمته، وصار ملتجأ بفضل نضجه إلى قوة خارقة؛ فتبلورت لديه فكرة الدين الأولى، وتحتم عليه أن يتقرب إلى ديانته بأناشيد وترانيم مستعملاً اللغة؛ ولذا فأنّ لغة الإنسان كانت وعاءً لأفكاره ومعتقداته حتى أصبح القول تعبيراً عن حاجات إنسانية على صعد الذات المختلفة، فأصبح لدينا على مسار الزمن موروثاً قائماً على النشاط الإنساني باستعمال لغته؛ لتسجيل ما انتهجه الإنسان خلال مساره الحياتي من عادات وتقاليد وديانات كونت فيما بعد ما يسمى بالموروث الثقافي، وهذا الموروث يؤرخ لتفاعل الإنسان مع بيئته بطرق عدة تمثل ما يعرف بالمواضعات الاجتماعية بكل تناقضاتها؛ لأنّ هذا الكائن المفكر لم ينتهج نهجاً واحداً في ممارسة نشاطه الحياتي؛ فقد اختلفت قيمته وديانته، وعاداته متسمة بالتناقضية الناجمة عن اختلاف المعالجات النفسية في سير الحياة الاجتماعية، وهذه الموصفات جمعت بين القبح والجمال، والزائف والأصيل، والحق والباطل، والخير والشر، وحين انتقل الإنسان من لغة التخاطب اليومي والتفاهم الجماعي إلى لغة الانزياح بحثاً عن الارتقاء بالواقع الحياتي إلى ما هو أجمل وأفضل؛ لإشباع غاية نفسيه لدى المبدع الذي جعل من النص الأدبي مرآة لمحمولات مجتمعه وبيئته الثقافة، إذ أظهر منها ما يتلاءم مع أذواق النخبة مركزاً على ما هو جميل، وقد اغفل ما وراء هذا الجميل؛ وذلك لإغراء المستقبل بجمالية، أو بهرج العمل الأدبي لغاية براكماتية، ولم نجد من المبدعين من أظهر بؤس مجتمعه إلاّ النزر اليسير، فالفن ومنه الشعر هو التعبير الأسمى والأصدق عن الذات الإنسانية، والدفاع عن سموها وحقّها في العيش الكريم، ولو كان الشاعر معبراً عن الإنسانية والحياة الصادقة؛ لوضع فنه في مساره الصحيح الذي يسمو بالفن إلى مبتغى خدمة المجتمع؛ والنهوض برتبته إلى ما هو أحسن ([1]) لكنّ المبدع ظل يدور في فلك الذوق العام المحكوم بأعراف أصبحت كالقوانين الصارمة، فالشاعر قادر على كسر هذه التقاليد لكنه غير مستعدٍ على أن يضحي بفنه الذي يروج له بجماليات ظاهرة؛ يفتن بها المتلقين، فالشعر بحقيقته منزه عن العبث، فالعبثية لوثت الشعر بفعل خضوع الشاعر لمطامعه النفسية، وكذلك لتمسك نقاد الشعر بالتقاليد المتعارف عليها، والمتمثلة بالفصاحة والبلاغة والقول السليم، فقد سار النقد العربي على تقاليد مرسومة، إذ انصب تقييمهم على ما هو جميل باعتماد التقنيات البلاغية التي أعدُّها أغلفة مزركشة، تبهر أذواق المتلقين إلاّ أنها تخفي وراءها انساقاً مسكوتاً عنها تكون لبّ العمل الشعري أو الأدبي، وهي تمثل الموروث الجمعي لثقافة أية أمة من الأمم، فهـي نتاج اجتماعي بعيدٌ عن الفردية([2]).ويعد هذا مضمراً ثقافياً ناجماً عن عمليات من التراكم والتواتر حتى صارت موروثاً جمعياً([3]).   وقد اغفل النقد الأدبي جوانب مؤثرة في النصوص الشعرية مكتفياً بإظهار جمال ما هو جميل مقتفياً بهذا آثار الأدباء والشعراء أنفسهم متماشياً مع الذوق العام غير ملتفت إلى ما هو كامن من عناصر نسقية مسكوت عنها في نقدنا الأدبي، وكان أحرى بالنقد الأدبي من وجهة نظرنا أن يسلط الضوء على تلك العناصر المضمرة؛ لإظهار ما تخفيه زخارف النصوص من الموروث الثقافي الجمعي.   [1])) ينظر الشعر فاعلاً ارهابياً/ 10. [2])) ينظر نقد ثقافي ام ادبي/ 154. [3])) ينظر النقد الثقافي/ 71.

The content you want is available to Zendy users.

Already have an account? Click here to sign in.
Having issues? You can contact us here