z-logo
open-access-imgOpen Access
حضور نيتشه في مدرسة فرنكفورت. دراسة مقارنة
Author(s) -
عبد الله عبد الهادي المرهج
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss10.868
Subject(s) - chemistry
ليس باليسير ايجاد علاقة تجمع بين فلاسفة فرنكفورت ونيتشه، لما عرف عنهم انتمائهم الى الماركسية وتبنيهم لأفكارها ودفاعهم عنها، إذ يلتقون مع الفكر الماركسي في نقدهم للنظام الرأسمالي، وتبنيهم للفكر الإنساني الاشتراكي، وهذا يمثل مفترق طرق بينهم وبين نيتشه. فهم إضافة الى تأثرهم بالماركسية قد تأثروا أيضا بهيدغر ولوكاتش ....وغيرهم، ولم يشاع عنهم تأثرهم بنيتشه، وهذا ما نريد نفيه واثبات العكس، وذلك من خلال عدة شواهد وأدلة تثبت رأينا وأهمها كتابات هؤلاء الفلاسفة بجيليهما الأول والثاني تجد فيها فصول ومباحث كاملة تتناول فلسفة وأفكار نيتشه وتبنيهم للبعض منها، فكتاب (جدل التنوير) لهوركهايمر وادورنو وكتابات هابرماس في (القول الفلسفي للحداثة) ومقاله نظرية المعرفة عند نيتشه وما أورده في كتابه (المعرفة والمصلحة) تؤكد ذلك. إضافة إلى ما جمع فلاسفة فرنكفورت ونيتشه من مواقف نقدية تجاه أفكار وتيارات فلسفية معينة، فكل من نيتشه وفلاسفة فرنكفورت نقدا الحداثة والتنوير، وحاول كلاهما تحطيم ايقوناته المعرفية والفلسفية متمثلة بمقولات (العقل، الإنسان، الحرية، الذاتية....الخ)، باستثناء هابرماس اذ كان مع مشروع استدعاء التنوير ومقولاته، إضافة إلى ذلك نقدهم للمثالية، كما حاول كلا الطرفين تأسيس فكر أخلاقي مغاير للفكر السابق، وإعادة قراءة القيم قراءة تتلاءم مع حجم التغيرات الحاصلة في المجتمع، وهذا ما عمل عليه فلاسفة فرنكفورت بعد الحربين العالميتين، كما حاول فلاسفة فرنكفورت ومن قبلهم نيتشه بإيجاد مخرج وبديل للفكر العقلاني الذي هيمن على الفكر الإنساني لقرون، وتمثل ذلك لدى نيتشه بالجمال وعده المنقذ للإنسانية وللوجود من مركزية الفكر الميتافيزيقي الما ورائي المطلق متمثلاً بتغلغل الروح الديونزيوسية إلى الوجود رمز الحياة والفوضى والموسيقى واللهو، وهي المخلص للفكر الغربي من القيم البالية التقليدية التي يحكمها النظام والنسقية، والفن والجمال عند فلاسفة فرنكفورت مخلصان للإنسان الغربي من قمع واستبداد السلطات السياسية والدينية والثقافية والأقتصادية متمثلة بالرأسمالية، هذه المواقف اضافة الى روابط آخرى تجمعهم بنيتشه تمثل اهم مسوغات البحث، باعتبارها اهم النقاط المعرفية التي يلتقي بها فلاسفة فرنكفورت بفلسفة نيتشه.  يعد نيتشه احد ابرز فلاسفة العصر الحديث الذي تركت افكاره تأثيرا بارزاً في الفكر الفلسفي المعاصر، وبدا أثره واضحاً في فلسفات القرن العشرين، وكان حضوره مميزاً في فلسفات هذه المرحلة وما يميز الحضور النيتشوي هو نزعته النقدية، فكانت هذه الفلسفات ثورة في التفكير ضد النسق الفكري "الدوغمائي" الذي لازم الفكر الفلسفي من اليونان وصولاً الى الفلسفة الحديثة، وهذا ما استشرفه نيتشه في كتابه "ما وراء الخير والشر" فهو يقول "هؤلاء الفلاسفة المقبلون هل سيكونون أصدقاء "الحقيقة" الجدد؟ محتمل جداً لأن كل الفلاسفة احبوا حقائقهم حتى الان لكنهم لن يكونوا بالتأكيد دوغمائيين[1]" وذلك يعني ان الفلاسفة المقبلين لن يكونوا امتداداً للنسق الفكري الميتافيزيقي الذي لازم الفكر الغربي، ولن تكون حقائقهم مطلقة ولا أفكارهم مقدسة ولا قطعية ولا يقينية، وليست ثابتة ساكنة، بل خاضعة لمبدأ الصيرورة، تؤمن بالتغير والتطور، وهي بالضد من فكر الفلاسفة الدوغمائيين، ولهذا يبشر بهؤلاء الفلاسفة كأرواح حرة تسير على نهجه وتقتفي اثره لأنه هو الذي يمثل تلك الروح الحرة ولذا فهو يقول "فلاسفة المستقبل هؤلاء، على انهم وبكل تأكيد لن يكونوا أرواحاً حرة وحسب، بل شيئاً أزيد، أعلى، مغايراً جذرياً، شيئاً يأبى سوء التقدير والخلط. لكني، إذ اقول هذا بصددنا، نحن دعاتهم والمبشرين بهم، نحن الأرواح الحرة، وبصددهم هم كذلك وبقدر مماثل من الالحاح[2]". لقد امن نيتشه بان نوعاً جديداً من الفلاسفة سوف يظهر، وهؤلاء الفلاسفة يتسامون بافكارهم التي لا علاقة لها بعقائد الماضي، وما يميزهم ان افكارهم هذه تعبر عن ذواتهم ونتاج مواهبهم، فهم لن يكونوا حبيسي الماضي، وتكمن شجاعتهم بجرأة افكارهم وطروحاتهم.   [1]. نيتشه : ما وراء الخير والشر، ترجمة جيزيلا فالور حجار، غروب في، بيروت، ط1، 1995، ص 74. [2] .نيتشه: المصدر نفسه، ص 75.

The content you want is available to Zendy users.

Already have an account? Click here to sign in.
Having issues? You can contact us here