
قراءة في أثر البرجوازية على الثورة الفرنسية 1789 ـ 1799
Author(s) -
حسنين عبد الكاظم عجه الشمري
Publication year - 2009
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss10.864
Subject(s) - computer science
استرسلت المصادر العربية في الإشادة بالثورة الفرنسية إلى درجة إظهارها في قالب من كمالٍ لامتناه، بدءاً بمنطلقاتها الفكرية التي عدتها ثماراً لنظريات إنسانية غاية في المثالية بالشكل الذي أطر مرتكزاتها الفكرية تماماً ووشحها بوشاح إنساني لا غبار عليه يلقي في روع المتلقي أنها في إرهاصاتها الإنسانية تمتعت ببعد روحي قارب إرهاصات الرسالات السماوية، لاسيما فيما يتعلق بالاهتمام بإعادة هيكلة المجتمع الإنساني بما يضمن حقوق أفراده ويحقق سعادتهم، بل أن الثورة في عالميتها وسمو المبادئ التي نادت بتطبيقها في شتى المجتمعات تسامت على التمايزات الدينية والقومية والحضارية وسواها في نظرتها للإنسان، وأن دوافعها تعود لما عاناه المجتمع الفرنسي من ظلم وإهمال في شتى الجوانب في ظل نظام ملكي إقطاعي كهنوتي دأب على مصادرة حقوق الإنسان، وهيأ وضعاً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ضاغطاً على السواد الأعظم من الشعب وَلَدَ حالة كبت شديد انتهت إلى رد فعل تناسب طردياً مع الظلم السابق فجاء عنيفاً شاملاً ومدمراً.
وأكملت المصادر وصف الثورة ونتائجها بما البسها رداءً إنسانياً خالصاً تناغم فيه كل شيء حتى أضحت الثورة علامة فارقة في التاريخ الإنساني وفاصلاً لما سبقها وتلاها من أحداث، متناسية المجازر التي كانت صنواً لها، والسلبيات التي تداخلت معها. لكن القراءة العلمية المتأنية لهذه الثورة لا تتواءم والصورة السابقة، وهذا طبيعي فوراء الثورة قوى لها أهداف ومصالح، خاضعة لتجاذبات وضغوطات، متأثرة بطموحات أضفت على الثورة طابعها البشري، سالخة إياها من وصفها الملائكي السابق. بيد أن ما ذكرناه لا يغمط الثورة حقها بل يخضعها لتقييم تاريخي ويؤطرها بمنهج علمي في حيادية وصدق وتقييم موضوعي يضع النقاط على حروف الثورة الفرنسية، كي تتكامل الحقيقة التاريخية عنها في أطار يظهر الايجابيات والسلبيات التي شابتها كحال سواها من الانجازات البشرية، وإن كان لا بد لنا خدمة للحقيقة التاريخية الإقرار بفضلها على المجتمع الإنساني ككل.