
دلالاتُ الأمرِ في الخطابِ القرآنيِّ
Author(s) -
عزيز سليم علي,
مجيد طارش عبد
Publication year - 2019
Publication title -
lārk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2663-5836
pISSN - 1999-5601
DOI - 10.31185/lark.vol1.iss10.861
Subject(s) - physics
الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على خير الخلق أجمعين محمدٍ وآله الطيّبين الطاهرين، والرحمة والرضوان على أصحابهم المنتجبين وأنصارهم المخلصين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
كان للقرآن الكريم منذ نزوله أثرٌ واضحٌ في تحرّك الأفكار والالتفات إليه بما جاء به من بديعٍ في أساليب التعبير والبيان وبما جمع هذا الكتاب الجليل من كلامٍ عظيم، فكان له الأثر الذي لا يُنكَر في النفوس والعقول؛ فأخذ السامعون له يتتبّعون معانيه ويتناولون ما جاء فيه شرحاً وتحليلاً في محاولةٍ للوصول إلى الغاية التي نزل من أجلها، وقد وجّه المتتبّعون لمعاني القرآن ودلالاته عنايتهم نحو اللفظ ومعناه الذي يكتسبه في النظم القرآنيّ، وقد جذبتهم فنون التعبير في القرآن؛ فراح عددٌ منهم يُوظّف جلّ تفكيره في تفسير القرآن الكريم بيانيّاً للوقوف على ما فيه من أفانين جماليّةٍ وأسرارٍ بلاغيّةٍ؛ ليفهموا آياته من أسلوبه ليُبرهنوا على إعجازه بعلم البلاغة ومعرفة الفصاحة([1]).
وتُعرَف اللغة العربيّة بأنّها أكثر اللغات تفنّناً في إيراد الأساليب الكلاميّة، وأقدرها على التنوّع في التعبيرات، وقد اشتهر في العربيّة أسلوب الأمر، الذي اخترناه لدراسته في القرآن الكريم في بحثنا هنا لما فيه من التنوّعات في دلالاته على معانٍ متنوّعةٍ تستحقّ الدراسة والتحليل.
والأمر من أنواع الإنشاء، وهو (صيغةٌ تستدعي الفعل، أو قولٌ يُنبئ عن استدعاء الفعل من جهة الغير على جهة الاستعلاء)([2])، وهو أحد أنواع الكلام الذي لا يدخله الصدق ولا الكذب([3])، و(الأمر عند العرب ما إذا لم يفعله المأمور به سُمّي المأمور به عاصياً)([4]) ، وصيغته موضوعةٌ لطلب الفعل استعلاءً لتبادر الذهن عند سماعها إلى ذلك، وتوقّف ما سواه على القرينة، وقد تُستعمل صيغة الأمر في غير طلب الفعل بحسب مناسبة المقام([5])، فـ(الأمر هو طلب حصول الفعل من المخاطَب على وجه الاستعلاء ... وقد تخرج صيغ الأمر عن معناها الأصليّ إلى معانٍ أخرى تُستفاد من سياق الكلام وقرائن الأحوال)([6])، وتدلّ صيغة الأمر على معانٍ كثيرةٍ متنوعةٍ([7]).
والأمر للوجوب في الأصل إلّا أن يدلّ دليلٌ على خلاف الوجوب، فإنّ العرب تُخرج الكلام بلفظ الأمر ومعناه النهي أو التهديد أو الوعيد([8])، فصيغة الأمر حقيقةٌ في الوجوب وأنّ استعمالها لمعانٍ أخرى إنّما هو من المجاز، وترد مجازاً لمعانٍ أخرى منها الندب والإباحة([9]).
وسنُحاول هنا أن نبحث في الأمر محاولين الكشف عن هذه المعاني في الخطاب القرآنيّ للوصول إلى الغايات الدلاليّة من النصوص القرآنيّة التي وردت بأسلوب الأمر بقراءة هذه النصوص دلاليّاً عن طريق الربط بين آراء المفسّرين في دلالات الأمر التي يُشيرون إليها، وسنكتفي بنماذج من الآيات القرآنيّة المباركة للتمثيل والتدليل على الدلالات في أنواع الخطاب القرآنيّ.
[1] ينظر: الصناعتين في الكتابة والشعر/ العسكريّ: 2.
[2] الطراز: 3/281.
[3] ينظر: أدب الكاتب: 4.
[4] الصاحبيّ: 298.
[5] ينظر: الإيضاح في علوم البلاغة / القزوينيّ: 137.
[6] جواهر البلاغة / أحمد الهاشميّ: 51.
[7] ينظر: الصاحبيّ: 302، والإيضاح في علوم البلاغة:137-139، وجواهر البلاغة: 51-52، و أساليب الطلب عند النحويّين والبلاغيّين/ د. قيس إسماعيل الأوسيّ: 98.
[8] ينظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن: 4/238.
[9] ينظر: الإتقان في علوم القرآن: 2/81.