المسائل الصرفية في رسالة الصاهل والشاحج لأبي العلاء المعريّ

يمثل البحث محاولة لرصد المسائل الصرفيّة في رسالة الصاهل والشاحج لأبي العلاء المعريّ وبيان رأيه فيها، وتكمن أهمية البحث في الاطلاع على الفكر الصرفي عند المعري في رسالته هذه التي لاتُعدّ من كتب الصرف أو من علوم اللغة بل تمثل موروثا أدبيّا وصف أحوال الأمة في عصر من أشدّ العصور حرجا على الأمة الاسلامية وأكثرها غموضا، كانت تمثل حوارا بين الصاهل الذي هو الفرس والشاحج الذي هو الحمار، فنقل ما كان يدور في فكره على لسانهما. وكانت الرسالة حافلة بالمسائل الصرفية المتنوعة، منها ما كان مختصا بالأسماء كبيان أصل (الأثارب) واشتقاق اسم الفاعل من غير الثلاثي والفرق بين الحَبْلَة والَحَبَلة وغيرها، ومنها ما يختصّ بالأفعال كبيان أصل اللام في الفعل (علا)، والفرق بين (كُلي وكُلِأ) والفرق بين (عَصَا وعَصَى وعَصِيَ)، ومنها ما هو مشترك بين الأسماء والأفعال كالإعلال في الأبنية المجانسة، وعدم اجتماع إعلالين في الكلمة الواحدة، ومواضع قلب الواو ياء. وكانت أغلب المسائل الصرفية التي ذكرها المعرّي موافقة لما ذكره علماء العربية ممن كان قبله ومن جاء بعده، غير أن هناك من المسائل ما جاء مخالفا لذلك. وكشفت هذه المسائل عناية المعرّي واهتمامه ببيان القصد من مسائله إذ كان يكثر من الأمثلة والشواهد وينوّع فيها فضلا عن تنوّع أساليبه في عرض المادة بما يضمن أفضل أداء للفكرة، ويستعمل أسلوب توجيه الأسئلة ثمّ يقوم بالإجابة عنها. وكثيرا ما وجدنا المعرّي في هذه الرسالة يحاول أن يربط علوم العربية فيما بينها فضلا عن ربطها بالعلوم الأخرى كالعلوم النفسية وعلم الاجتماع وغيرها.