الفلسفة الماهانية، وأثرها في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية (1840-1914

      لم يكن التطور الذي شهدته القوة البحرية للولايات المتحدة وليد اللحظة، بل مرت عملية تطورها بعدة مراحل، وخضعت لعدة مؤثرات، ساهمت جميعها في صياغة النهج المعاصر لسلاح البحرية، وما نتج عن ذلك من تبعات، إنعكست في نهاية المطاف على سياسة البلاد الخارجية. أسهمت مجموعة عوامل بشكل أو بآخر في تطوير القدرة العسكرية، وتغيير نهج السياسة الخارجية للولايات المتحدة، منها ما مثلته "عقيدة المصير" أو القدر المتجلي (Manifest Destiny)، الداعية إلى كون تمدد الولايات المتحدة نحو غرب البلاد هو مصيرها المحتوم، والتي روج لها الكثير من قادة الفكر، ورجال السياسة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التنافس الدولي الذي حفز الولايات المتحدة إلى محاولة مواكبة ذلك التنافس الإقتصادي والسياسي، فضلاُ عن عوامل اخرى، إلا أن العامل الأكثر أهميةً، وتأثيراً في تحديث القوة البحرية، وعلى إعادة صياغة السياسة الخارجية للولايات المتحدة هو الفلسفة الماهانية، التي تمثلت بكتابات الضابط في البحرية الأمريكية، والمؤرخ، الفريد ماهان (Alfred Mahan)، التي طرح من خلالها مجوعة نظرياته ورؤاه المتعلقة بأهمية القوة البحرية، ودورها الجوهري في صياغة مصير البلاد ومستقبلها السياسي والإقتصادي، وآلية عمل تلك القوة.      أثرت كتابات ماهان في دوائر صنع القرار في واشنطن، ونالت أفكاره قبولاً، وصار يروج لها على نطاق واسع محلياً ودولياً، مما جعلها أساساً، ومنهجاً، ومرجعاً في إعادة النظر، وتحديث سلاح البحرية الأمريكي، الأمر، وانسحب ذلك بدوره على صياغة النهج التوسعي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.