مقاربات في نقد العقل التاريخي.. الثقافة السودانية أنموذجا

     تقوم رؤيتنا في تصويب النظر إلى العقل التاريخي بتشخيص مقولاته وتحديدها ونقدها، وتقديمها للوعي بموضوعية وحياد، مع علمنا بخطورة المزالق التي يمكن أن يتيه فيها البحث، وبالصعوبات التي يمكن أن تواجه بها الذات نفسها، لذا تأتي المحاولة على هيئة منازلة تخوضها الذات مع نفسها ومدركة عدم فوزها بالضربة القاضية نتيجة المد والجذر والتقدم والتراجع غير أن الفوز يتحقق بعدد النقاط المتحصلة في نهاية المطاف. لذا يتجه مسعانا إلى تحليل بعض مكونات العقل وتجلياته تحليلا  موضوعيا، وإعادة التفكير فيها من زوايا مختلفة ولا ندعى امتلاك حلول ناجزة للمشكلات التي وقفنا عندها بل ندعو الجميع للعمل من أجل التعمق في بحثها وايجاد الحلول المناسبة. ويأتي ذلك بغرض فتح المجال للتعامل مع المشكلات في مجتمعنا على نحو جديد وبافتراضات جديدة، ونؤكد هنا ليس فقط على أهمية هذا المنحي المهمل في الخطاب السوداني بل أيضا إعطائه الأولوية اذا اردنا النهوض والتطور، فمعرفة الذات خطوة مهمة لتطويرها ولصناعة التاريخ. ليس صعبا أن تجد الأسئلة الأساس في مجتمعنا مغيبة بسبب الانغماس في نمط الحياة الوجودية، واستعيض عنها بأسئلة لا تقدم اجاباتها أكثر من التلقين وحشو الذهن باليقين المطلق ولا تتبرأ تلك الإجابات من أيديولوجيا، أو مصلحة سياسية أو اجتماعيه وغيرها.  وتناقل ذلك عبر الأجيال ومع تقادم الزمن يوصل تفاعلات إلى الأحداث الذروة، وقد تتفجر الأسئلة داخل الذات فتهزها هزا عنيفا، وتوقظ الوعي بضرورة الخروج عن الوحل الثقافي الغارقة فيه الذات.