النّصُّ السّاخِر، دِرَاسة مقارنة فِي نموِّ المَغزى

النّصُ السّاخرُ فِي جوهرهِ ينقدُ الحياةَ، أو يرسمُ بعضَ الظّواهرِ فيها، وهذا اللّونُ مِن التّغييرِ يبدأُ أوّلاً بتشخيصِ الخللِ، ويهدفُ إلى معالجتهِ بطريقةٍ فنّيّةٍ. فهو نصٌّ قادرٌ على التّأثيرِ والاستجابةِ فِي ذهنِ المُتلقي وخاطرهِ مِن خلالِ بثِّ المشاعرِ الرّافضةِ بأسلوبٍ رمزيّ هادفٍ، يغلفُ الحقائقَ، ويخفي غضبَ المُبدعِ وأفكارَهِ القابلةَ في التّأويلِ. فالسّخريةُ تمتلكُ بُعداً نفسيّاً ودوافعَ ذاتيّة ومُجتمعيّة لا حصرَ لها، استشعرتها البشريّةُ وساعدَتْ على الرّغمِ مِن اختلافِ اللغةِ فِي نموِّ أنماطِها التّعبيريّةِ، وتطويرِ مغزاها بما ينسجمُ معَ صياغةِ الأحداثِ وتباينِها.      فالنّصُ السّاخرُ سواء كان شعراً أم نثراً لهُ تاريخٌ قديمٌ، بدأ بالفكاهةِ والهزلِ، ثمَّ تعدّدتْ أساليبهُ، وتنوعَتْ طرقُ استعمالهِ مع مرورِ العصورِ فِي مُواجهةِ الواقعِ المُعاشِ، كالتّعسفِ المُجتمعيَ، أو التّشفي، والاضْطِهادِ السّياسيَ، وغيرها، ممّا يرادُ مِنهُ إيصالِ رَسَالة مَا بطريقةٍ فريدةٍ معبرةٍ، إلى أن وصلَ بهِ المطافُ أن يكونَ مَعلماً من معالم الفكرِ ومؤشراً على النضوجِ المجتمعيّ الذي يبحثُ عن بيئة آمنةٍ على جَميعِ الأصعدةِ.      هذهِ الدّراسةُ اعتمدت فِي خطتها على المنهجِ الوصفي، ترصدُ تطوّرَ دلالةِ النّصِ السّاخرِ عبر العصورِ الأدبيّةِ فِي الأدبِ العربي وغيرهِ.