قصيدة النثر في العراق فرج الحطّاب انموذجاً

     تُعدُّ قصيد النثر محل خلاف دائمًا، فبين مَنْ يؤيد رافعًا القبعة لهذه القصيدة، وبين آخر لايعترف بوجودها أصلاً، وبين هذا وذاك سارت الهوينا محرزة بعض القليل خصوصاً في البدايات الأولى؛ لكنّها بمرور الأيام استطاعت أنْ تجد موطئ قدم في الساحة الثقافية. من خلال التوطئة لقصيدة النثر العراقية حصرًا، وجدنا أنها عمل فردي في بداية الأمر لم يشكل خطورة؛ ولكن سرعان ما اشتد عودها عند الستينات من القرن المنصرم؛ حينما أخذت شكلاً جماعياً فأصبح هذا يعرف (الجيل) وهو مصطلح يتنفس رؤيته ورؤياه.     طرح فرج الحطّاب نفسه كمثقف في بداية الأمر وقبل أنْ يكون شاعراً؛ لهذا صقلت موهبته القراءاتُ المتنوعة فضلاً عن الوعي الذي تمتع به فكان أبو تمام والمتنبي وأبو العلاء قديماً والسياب وأدونيس مثلاً حديثًا له، وثَمَّة مسردٌ من المؤلفات التي انتجها الحطّاب ذكرناها؛ تبدأ بسيول أليفة ولا تنتهي بسياسية الألم والمعنى. كانت أولى المجاميع (سيول أليفة) التي لها على المستوى الفني مخالفة لما هو سائد ومنتشر، لا سيما أنَّها غابت عنها الأجواء الرومانسية، وتسيّدت الحرب بكل جبروتها، وثاني الموضوعات دون منازع هو الحصار لقد ظل الاثنان- الحرب والحصار- خير مثال لموضوعاتها.     أما فنية القصيدة لدى الحطّاب فسلطتُ الضوء عليها من خلال اللغة والصورة، فتمت اللغة وتفرعت الألفاظ التي شكلت قوة فاعلة مهيمنة، وأخرى ألفاظ عامية التي شكلت الكثير في مدونته الشعرية، ثم دراسة الأساليب الشعرية، وهي الومضة، واليومي، والمهمل، وكسر التوقع، والاستفهام والتكرار، وكان للصورة أثرٌ في نسجه الشعري من خلال التشبيه والصورة الكلية والمفارقة، والاستعارة.     إنَّ الحطّاب كان أكثر تحديداً في الإفادة من الموروث العربي قديمه وحديثه، إضافة إلى إفادته من الأدب العالميّ. أما النتائج التي انتهيت إليها فقد بسطت القول فيها في خاتمة البحث.