
نظرية الحقل الدلالي بين التنمية الفكرية و التنمية اللسانية – دراسة تأسيسية في اللسانيات الحضارية
Author(s) -
ا.م.د محمد جعفر العارضي
Publication year - 2021
Publication title -
maǧallaẗ kulliyyaẗ al-tarbiyaẗ
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2518-5586
pISSN - 1994-4217
DOI - 10.31185/eduj.vol2.iss25.2699
Subject(s) - linguistics , philosophy , sociology
يظلُّ التطلُّع إلى الخروج من دائرة النظر اللغوي اللغوي الذي لا يعرف نتائجه و لا ينتفع منها غير اللغوي ، أو من يعتمد اللغة أداة في التحليل و التفسير يبدأ من النظر الدلالي الموسَّع ؛ وصولًا إلى النظر اللغوي الكوني المفاهيمي الذي يتخطَّى الحدود اللغوية إلى آفاق فكرية كونية كبرى ، ينتفع برؤاه و أفكاره و نتائجه العالم المعرفي . بمعنى أنَّ اللسانيين جدير بهم أن يغادروا منطقة البحث اللساني التقليدي الساكت عن الولوج في الآثار الحضارية للخطاب اللساني ، و آلياته في البناء الذاتي ، و المجتمعي . و هكذا يكون انتقالهم إلى منطقة أرحب ؛ ليلامسوا من خلالها الواقع المجتمعي بتطلُّعاته ، و مشكلاته ، و تغيراته ، في ضوء إنتاج اللسانيات الحضارية (Civilizational Linguistics ) الداخلة في منظومة البناء الذاتي للإنسان ، و منظومة البناء المجتمعي ، و عناصرهما ، و تطلُّعاتهما تأثيرًا و تأثُّرًا . و في سياق مقاربة هذا التطلُّع يُظهِر الهيكل النظري لنظرية الحقل الدلالي ( Semantic Field ) التي يقرأها البحث قراءة جديدة كثيرًا من المقولات التي تدخل في إطار النظر الحضاري ، و المجتمعي ؛ إذ تترك هذه النظرية أثرًا فكريًّا و جماليًّا في الذات الإنسانية ، و تحقِّق آثارًا نوعية ، من قبيل التنظيم ، و التعايش ، و الألفة ، و التواضع ، و ضرورة الاختلاف ، و الحاجة إلى التكامل و التطوُّر ، و تنمية العقل العلمي ؛ وصولًا إلى ما ينتجه التحليل اللساني من معطيات حضارية تتماهى مع واقع الحياة المجتمعية ، و تعزِّز فيها المقومات التنموية ، و الإصلاحية . و وقفت في هذه القراءة أيضًا على " التعطيل الدلالي " ، و ما يترتَّب عليه من آثار ، مقترِحًا التوسُّع في النظر الدلالي التحليلي في ضوء نظرية " الحقل الدلالي " ؛ لغرض مواجهة هذا التعطيل و الركود ؛ بغية التوصُّل إلى خلق حالة من التطلُّع عند المتكلِّمين إلى الثراء الدلالي من جهة ، و تجسير التواصل اللساني و الاستعمالي معه من جهة ثانية ، و إنتاج ذائقة دلالية تقوم على خاصَّة المعنى لهذا الاستعمال أو ذاك . و لمَّا كانت نظرية " المجال الدلالي " تشتغل على جمع ألفاظ المعنى العام ، و توزيعها في مجموعات لغوية متنوعة تبعًا لخاصَّة المعنى ؛ فإنَّ النظر اللساني ، و تحليل مسائل الدلالة في ضوء آليات هذه النظرية يحقِّق أفقًا دلاليًّا رحبًا في التعبير عن المعنى ، فضلًا عن مسائل التسديد الدلالي ، و اللفت إلى التغيرات الدلالية التي ترافق الاستعمال ؛ فيتعاطى المتكلِّمون مع الوفرة الدلالية التي تتجلَّى في الوفرة اللسانية ليبتعدوا نوعًا ما عن الانحسار الدلالي ؛ فتتحقَّق تنمية لغوية تتضافر مع بناء للذات و تنميتها وصولًا إلى مظاهر التنمية البشرية الاجتماعية .