
الاستشراق وخطاب ما بعد الكولونيالية
Author(s) -
د. نوافل يونس الحمداني
Publication year - 2021
Publication title -
maǧallaẗ kulliyyaẗ al-tarbiyaẗ
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2518-5586
pISSN - 1994-4217
DOI - 10.31185/eduj.vol2.iss13.2670
Subject(s) - computer science
يعدّ الاستشراق موضوعاً ثقافياً وحضارياً متشعباً وهو من الموضوعات الطارئة على الثقافة العربية، ولو استقصينا الدراسات السابقة لكتاب (الاستشراق) لادوارد سعيد وأجرينا مسحاً للاهتمامات العربية في المجال الثقافي لهذا الموضوع سنلاحظ شحة الدراسات التي اهتمت بالاستشراق وسطحيتها، ولكون الاستشراق باباً يفتح آفاقاً قصية نحو الحوار مع الآخر ومعرفة الحضارة الغربية وكيف تعاطت مع حضارتنا العربية في الماضي والحاضر وآثار ذلك على علاقتنا المستقبلية معها فإنّ ذلك يسهم بالتأكيد في فهم كثير من الأمور التي تتعلق بالغرب من ناحية وبذواتنا من جهة أخرى . إنّ مفردة (استشراق) هي على وزن (استفعال) ((والسين والتاء إذا زيدتا في الكلمة قصد بها الطلب، مثل استغفر أي طلب الاستغفار واستنصح طلب النصيحة)) ( ) ، ومعناها هنا يأتي في طلب علوم وثقافات الشرق ونحو ذلك ، ولعلّ مفردتي (الاستشراق) و(المستشرق) حديثتا عهد في الثقافة الغربية والعربية، ويشاع أنّ اللغة الانكليزية ((تبنتها حوالي 1779م .. واعترفت بها الأكاديمية الفرنسية 1799 وهي مشهورة بالحيطة في إدخال الكلمات الجديدة إلى اللغة الفرنسية، فأدخلتها في معجمها المشهور عام 1838م)) ( ) ، ويرى بعضهم أن ((مصطلح الاستشراق له دلالتان أولاهما : أنه علم يختص بفقه اللغة ومتعلقاتها على وجه الخصوص وثانيهما أنه علم الشرق أو علم العالم الشرقي على وجه العموم، فعلى هذا الأساس يشمل كل ما يتعلق بمعارف الشرق من لغة وآداب وتاريخ وآثار وفن وفلسفة وأديان وغيرها من علوم وفنون))( ) ، وأمسى مصطلح الاستشراق أقل قبولاً عند الغربيين في العقود الأخيرة من القرن العشرين بالمقارنة بـ(الدراسة الشرقية أو الدراسات الإقليمية أو دراسات الشرق الأوسط) وذلك لسببين : الأول: كونه يتسم بالعمومية لدرجة مفرطة، والثاني: كونه يتضمن الموقف التنفيذي السلطوي للاستعمار الأوربي في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، كما يرى أدوارد سعيد ( ) ، ولهذا طالبت بعض المنظمات بإلغائه لما له من دلالات تاريخية سلبية واستبداله بعبارات أخرى مثل (الدراسات الإنسانية حول الشرق) أو (دراسات الشرق الأوسط والأدنى) مما زاد في عدم مقبولية هذا المصطلح من الأوساط العلمية والثقافية الغربية وغيرها، غير أن أدوارد سعيد أعاد مجد هذا المصطلح عندما عنون كتابه بـ(الاستشراق) فأثار ضجة كبيرة في الأوساط الغربية، في حين أن المستشرق هو من طلب دراسة الشرق أي أنه ليس منه ولا فيه لا بالأصل ولا بالانتماء بمعنى أن من يقوم بهذا النشاط ليس شرقياً في الغالب ( ) .