
الاستشراق والاتمولوجيا
Author(s) -
د. سعيد الجعفر
Publication year - 2021
Publication title -
maǧallaẗ kulliyyaẗ al-tarbiyaẗ
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2518-5586
pISSN - 1994-4217
DOI - 10.31185/eduj.vol2.iss13.2668
Subject(s) - computer science
استطاعت أوروبا استغلال تطورها التاريخي والفلسفي، إلى أن تؤسس إيقونة رمزية لفكرها وتؤصل لجذوره الفلسفية والفكرية، مما قادها إلى إفراز نسق ثقافي حضاري قررته المركزية الغربية، في قولها بالخصوصية المطلقة لتاريخ الغرب، وحضارته التي أنضجتها عوامل خاصة وداخلية وهي وجهة النظر التي رسخت مقولة (أن الإنسان مركز كل شيء ومقياساً لكل شيء، وتحول مركز الكون من الله إلى الإنسان في تكوين الوعي الأوربي الحديث)(1)، وقد اكتسب ذلك القول مشروعية الفصل والثبات عبر سلطة الثقافة المتعالية التي فرضتها النخبة الأوربية من جهة ومن خلال السطوة الاقتصادية والحضارية التي فرضتها أوربا على باقي الشعوب و من ثم فعلى المجتمعات والشعوب التي تريد أن تبلغ درجة التقدم التي وصل إليه الغرب، ليس أمامها سوء الأخذ بالأسباب ذاتها التي أخذ بها الغربيون، وليس أمام تلك المجتمعات إلا التخلص من خصوصيتها الثقافية، لان تلك الخصوصيات هي المسؤولة عن تخلفها وهي المعيقة لتطورها لم تقدم فقط رؤية للعالم بل تجاوزته إلى تقديم مشروعٍ السياسي على صعيد العالم، وعلى وفق ذلك فان الترويج لعصمة ثقافة المركز الأوربي لا يرجع تفوقها ـ كما يقول روجية غارودي ـ إلى تفوق الإنسان الغربي نفسه، بل إلى استخدام تقنيات السلاح والبحر لأهداف عسكرية وعدوانية(2) وهو مشروع تجانس الإنسانية المستقبلي من خلال تعميم النموذج الغربي، ومن الضروري التذكير برأي أرسطو في الترجيح لتلك المركزية العنصرية بقوله (ان العناصر التي تسكن المناطق الباردة وسكان أوربا ممتلئون جرأة وعاطفة ولكن تنقصهم البراعة والقدرات العقلية نوعا ما... ومن ناحية أخرى كان لدى العناصر الشرقية العقول والبراعة معا،ولكن كانت تنقصهم الشجاعة وقوة الإرادة لذلك ظلوا مستعبدين خاضعين، اما العنصر اليوناني الذي كان يحتل موقعا جغرافيا وسطا فكان يجمع قسطا من الجانبين،ومن ثم ظل يحيا حرا مالكا لأفضل النظم السياسية كفئا لحكم الاخرين)(