
المعلم الناجح ودوره في تنمية الموارد البشرية
Author(s) -
عبد الرزاق جدوع محمد,
داليا حسين يحيى
Publication year - 2020
Publication title -
maǧallaẗ kulliyyaẗ al-tarbiyaẗ
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2518-5586
pISSN - 1994-4217
DOI - 10.31185/eduj.vol2.iss1.1257
Subject(s) - computer science
إذا كان اعداد الموارد البشرية و تنميتها مسؤولية مؤسسات مجتمعية متعددة , فأن التعليم (مسؤولية المعلم باعتباره أساس العملية التعليمية ) فهو يمثل الأداة الرئيسية للمجتمع في أداءه هذه الوظائف، وتبدأ حلقات هذا النظام التعليمي من مرحلة رياض الأطفال وهي التي يلتحق بها الأطفال ما بين 4-5 سنوات . بيد أن النمو الكمي والتطور التربوي في هذه المؤسسات محدودة للغاية والالتفات إلى أهميتها لم يأت إلا في السنوات القليلة الماضية .
الواقع أن تنشئة الطفولة ونموها الجسدي والفكري والنفسي تمثل الأساس في تنمية الموارد البشرية، ورغم ما ظهر في السنوات المنصرمة من اهتمامات متناثرة بقضاياها ,إلا أن الطفولة لم تحظ بالأولوية الكافية بعد . والضرورة تقتضي بان يعتبر الوفاء بحاجات الطفولة الأساسية بما فيها التعليم فما قبل مرحلة المدرسة الابتدائية أولوية وطنية في خطة التكامل الإنمائي العربي وتنمية الموارد البشرية.
إن المعلم هو المصدر الأساس في تكوين المهارات والدرايات العالية في المورد البشري باعتباره أهم الموارد المطلوبة لإحداث التنمية , لذا فان أهم التساؤلات التي تطرح في مجال التعليم بصورة عامة وبالنسبة للتعليم الأساسي بصورة خاصة هو ما دور المعلم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية أو فيما حدث ويحدث من نمو في قطاعات الإنتاج , وتوفير الخدمات وتحسين مستوى المعيشة ؟
لقد أجريت دراسات متعددة لإبراز قيمة الاستثمار في رأس المال البشري من خلال التعليم , وأثبتت هذه الدراسات التي تم معظمها في الولايات المتحدة الأمريكية وفي الاتحاد السوفيتي السابق أن ما حدث من نمو في الدخل القومي خلال فترات معينة لا يمكن تفسيره على أساس زيادة عوامل الإنتاج المادية وزيادة رأس المال , وانتهى الاستنتاج إلى وجود عوامل أخرى أطلق عليها العامل المتبقي متمثلا في ارتفاع مستوى المهارة في قوة العمل واستخدام التطبيقات التكنولوجية , وغير ذلك من العوامل المرتبطة بالتعليم.
لذا يعد المعلم حجر الزاوية في العملية التربوية تلك العملية التي لا يستقيم أمرها إلا إذا كانت القوى البشرية العاملة في ميادينها ذات كفاية ومؤمنة بالرسالة التربوية وقيمتها وكان المعلم ذا ضمير واع حي , ووظيفة المعلم الأساسية تربية التلاميذ على اختلاف مستوياتهم وتوصيل كل ما تتضمنه عمليات التربية والتعليم إلى عقولهم وقلوبهم .
والمعلم الناجح هو الرائد للشعب , والعماد الذي يستطيع أن يشكل المجتمع ويهيئ له أساليب الحياة الحرة الكريمة ولهذا يتعين عليه أن يكون مدركا لرسالته مؤمنا بها، كما يجب أن تتوافر لديه كل العناصر التي تمكنه من الاضطلاع بهذه الرسالة الشريفة من أمانة وعلم ومعرفة و ضمير وثقافة وتدريب , ذلك لأن تكوين النفوس وصقل العقول ورعاية الأبدان عملية صعبة وشاقة ولأنها ضرورية لبناء الجسم , فرسالة المعلم إذن فوق كل قدر واعتبار . لذا كان رضا المعلم عن عمله وعن إنتاجه وراحة ضميره في انه يؤدي واجبه كاملا مضحيا في سبيل ذلك بكل وقته وجهده من اجل تنشئة أبنائه , هذه هي العناصر الأساسية في تحقيق الرسالة التربوية الحرة التي ترتكز على إيمان المعلم بها وبخطورتها في تقدم المجتمع , هذا الإيمان لابد ان تنعكس أثاره على النشء وعلى المجتمع في زحفه المقدس نحو حياة أفضل .
واجهت المؤسسات التربوية في العراق في العقود الماضية ظروف صعبة تمثلت بالحروب العسكرية والاقتصادية ، كان من تأثيراتها المباشرة تردي مستويات التعليم بشقيه الأساسي والعالي
ذلك أن التعليم مرتبط عضويا بمؤسسات المجتمع الأخرى فما يلحق بها من دمار وخراب ينسحب أثره لامحالة على التعليم ،فكان من نتاج هذه الظروف على سبيل المثال لا الحصر نقص الأبنية المدرسية ،عدم كفاية الأبنية المدرسية القديمة لسد متطلبات التعليم ، فهي غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة ، تدهور مكانة المعلم الاجتماعية ، تفشي ظاهرة البطالة بين اغلب خريجي المدارس والكليات والمعاهد ، انخفاض المستوى التعليمي ، الخ .
كما واجه التعليم في الوقت الحاضر بعض المشاكل التي تمثلت بتكنولوجيا الاتصال الحديثة واستخداماتها الخاطئة من قبل اغلب طلابنا والمتمثلة بـ (الانترنيت ، الهاتف النقال، والستلايت ) وغيرها إذ يقضي طلبتنا معها الساعات الطوال دون كلل أو ملل إذ لم يكرسوا جل وقتهم للقراءة وإكمال واجباتهم المدرسية .
كل هذه الظروف الاجتماعية التي عانى منها المجتمع العراقي آنذاك أسهمت في عدم قدرة التعليم على إعداد وتنمية الموارد البشرية التي تعد الأساس في التنمية الشاملة ، فالتنمية الشاملة تستند إلى التعليم مثلما يعتمد التعليم على التنمية .
نأمل أن تكون هذه المحاولة المتواضعة جديرة بالاهتمام كونها تتصدى لظاهرة تربوية تمس واقعنا الاجتماعي لاسيما قضايا التنمية البشرية بعدها أساس القضايا التنموية .