تحقيقُ ما جاءَ على وزنِ مَفْـــِـعَل لمحمد بن علي الصبَّان (ت1206ه) - تحقيق ودراسة -

سَعَينا جاهدين أن يكون عملنا متواصلًا في تحقيق مخطوطات تراث لغتنا الثرّ ، ولاسيَّما تلك المخطوطات التي تُعنى بعلم الصرف العربيّ؛ لقلة سالكيه، وجفاف طياته؛ لذا وقع اختيارنا على مخطوطة : ((تحقيق ماجاء على وزن مَفْعَـِل لمحمد بن علي الصبَّان ))، ولاسيَّما أنَّ المخطوطة تُعنى بمبحث الاشتقاق، والتعليل الصرفيين لطرائق علماء القرن الثالث عشر الهجري .     كانت المصادر التي أفاد منها المؤلِّف في كتابه ثرَّة وعالية القيمة، جمعت بين مؤلفات المتقدِّمين ومذاهبهم، ومؤلفات المتأخرين ومداخلاتهم، وما طرأ من تغيير على الآراء والردود، والخلافات، والمصطلحات، وكانت الرسالة بحق لوحة ضمَّت فنون علميَّة عديدة، فقد مازج المؤلِّف بين الصرف والنحو، ولوَّنه بلغة المعجم، وزيَّنه بالتعليل، وبيَّنه بتفسير كثير من ألفاظه العويصة .     لمَّا كان التحقيق فنًا من فنون الجمال، وضربًا من ضروب الذوق والتعبير؛ قدَّم لنا الرسالة شكلًا وإِخراجًا جملة فوائد مثَّلت عصر تأليفه، وجسَّدت طبيعة الفنون السائدة في عصره، بدءاً بنوع القلم المستعمل في الكتابة مرورًا بالمداد وأنواعه، وليس أَخيرًا بالزخرفة المرافقة للشرح، فضلًا عن نوع القوالب المستعملة، وماتفضي إليه التعديلات والتعليقات المُضافة التي تُرافق الشرح، على الرغم من أنَّ النُّسخة الفريدة التي اعتمدنا في التحقيق تلت عصر المؤلف بقرن، أي: في القرن الثاني عشر، لكن نسّاخها من البيئة العلميَّة نفسها؛ لذا قيس العصر الحادي عشر بالثاني عشر، وهي بلا شكٍّ إحدى دعائم دواعي التحقيق المرتبطة بهذا الفن .