التّناصّ في الخطاب السياسي في القرآن الكريم (دراسةٌ في ضوءِ علمِ اللُّغةِ النَّصّيّ)

     تهدفُ هذهِ الدراسةُ إلى تقصّي معالم التَّناص الدّاخليّ والخارِجيّ في الخطاب السّياسيّ في القرآن الكريم؛ وذلك بالبحث في المعاني وكيفية انتقالها مِن نصٍّ إلى آخرٍ، إذْ يُعَدُّ التّناص مِن أبرز الأساليب الفنيّة الّتي استعملها النّقاد والدّارسون بوصفها نوعاً مِن تلاقح النَّصوص وتفاعلها الّتي ترفد النّصّ الجديد ثراءً وغنًى، وقد يتوارى التّناص في نوعين أساسينِ، هما: التّناص الدّاخليّ الّذي يتجلّى بترابط النّصّ في النّصّ الواحد، ومِن أغراضه تفسير شيءٍ غامض أو تفصيل مُجمل أَو جواب عن سؤال أو تحديد لمعنى مُحتمل أو تفسير لمطلق؛ لأنّ القرآن الكريم يُفَسِّرُ بعضه بعضاً. وأمّا التّناص الخارجيّ في الخطاب السّياسيّ في القران الكريم؛ فيُراد به تناص النّصّ القرآني والنّصوص الأخرى، فلعلّ أكثر النّصوص تقارباً مع النّص القرآني نصوص الكُتب السّماويّة السّابقة، الّتي ذكرت كثيراً من القصص والأحداث للأمم الماضية، إذ يظهر بين النّصين شيئاً من التّطابق والتّوافق، مع أنّ الهيمنة والوثاقة في ذلك تكون للنّصّ القرآني؛ لما وقع فيها من التّحريف والتّزييف، وسببه تنفيذ رغبات كثير ممّن أرادوا للدّين أنْ يكونَ بحسب أهوائهم وميولهم.