
مفاهيم التَّطَرُّف وَالتَّعَايُش فِي زَمَنٍ فَوْضَى الإِعْلَامِ الإِجْتِمَاعِيِّ قِرَاءَةٌ فِي الأَسْبَابِ وَبَحَثٌ عَنْ طُرُقِ العِلاج
Author(s) -
رعد حميد توفيق البياتي,
نور علي ابراهيم الزيدي
Publication year - 2019
Publication title -
maǧallaẗ kulliyyaẗ al-tarbiyaẗ
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2518-5586
pISSN - 1994-4217
DOI - 10.31185/eduj.vol1.iss1.891
Subject(s) - computer science
إن العالم اليوم يعيش مرحلة خطيرة من سوء الفهم والشك المتبادل بين الأمم، ولعل الفجوة الأخطر هي تلك التي تفصل بين الاسلام من جهة والغرب من الجهة الاخرى او بين المذاهب الاسلامية، والتي تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم، يغذيها البعض بشكل مستمر بكل ما يدفع باتجاه تعميقها وبما يجعلها تشكل خطراً داهماً ليس على العرب والغرب فحسب، بل على البشرية جمعاء، وقد برز في الغرب بعض الفلاسفة والمفكرين ممن أقاموا نهجهم الفكري على أساس هذه الفجوة التاريخية بين الاسلام والغرب، وقد قال بعضهم إن انهيار المنظومة الاشتراكية وسقوط الاتحاد السوفيتي السابق سيجعل من العرب والمسلمين (العدو التقليدي) الجديد للغرب، بل ذهبوا الى ابعد من ذلك حيث اكد فرانسيس فوكوياما في كتابه (نهاية التاريخ) وصموئيل هنتنغتون في مقالته الشهيرة (صراع الحضارات) والتي حولها فيما بعد الى كتاب(صدام الحضارات) أن الصدام بين الاسلام والغرب حتمي.
وقد جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن لتصب على نيران الشك بين العرب والغرب المزيد من الزيت، حيث انقسم صانعي القرار ومهندسيه ومروجيه أيديولوجيا واستراتيجياً الى عصبتين الأولى تتمثل بمجموعة من المبشرين من اليمين الديني المحافظ المعروفين بالإنجيليين الجدد، وهؤلاء يقومون بأدلجة العداء والحرب ضد العالم، وبالترويج والتسويق لصدام الحضارات وتحديدا ضد العالم الإسلامي الذي أصبح يمثل في منطوقهم "محور الشر"، يستخدم هؤلاء منطق متطرفو الاسلام بصورة مقلوبة، فيعيدون إنتاج العلاقة بالإنجيل والتوراة بما يشمل حتى النص الشعري والأسطوري المتضمن فيهما، ويعمدون إلى إسقاط هذه النصوص والمفاهيم على الواقع المعاصر، لاسيما فيما يتعلق بمفاهيم مثل ارض الميعاد والشعب المختار، اما الثانية تتمثل بتيار المحافظين الجدد الذي نجح في استيعاب الإدارة الحالية، والذي يقوم بمهمة البرمجة ووضع السياسات والاستراتيجيات العامة، ولكن التصدع الذي أصاب جبهة الغرب في أعقاب الحرب الأخيرة على العراق والتباين في المواقف الأوربية والأمريكية إزاء تلك الحرب جعل بعض المنادين بحتمية الصدام بين العرب والغرب يعيدون النظر في طروحاتهم، فلم تعد هناك جبهة غربية واحدة متماسكة مقابل تلك الجبهة العربية الموحدة المفترضة، ولعل هذه التهدئة التي حدثت في طروحات المنادين بحتمية الصدام بين العرب والغرب تمنح العقلاء في العالم والذين ينادون بالحوار بديلاً عن الصراع فرصة جديدة لالتقاط الأنفاس واتخاذ كل التدابير الممكنة لنزع فتيل هذا الخطر، وإحلال مفاهيم التعايش والعيش المشترك بدلاً من الحرب والثبور وعظائم الأمور بين الحضارتين الغربية والعربية.