قوله تعالى : { النبيّ الأميّ } ـ دراسة دلالية ـ ـ على وفق المعطيات اللغوية والقرآنية

سلك بعض المفسرين طريقة تقييد الدلالة في تفسير المعاني لألفاظ القرآن الكريم وذلك يجعلها لا تفصح عمّا تحمله من مقاصد دقيقة في السياقات التي وردت فيها ؛ وتسببت هذه التفسيرات في تكوين صورة بعيدة عن هدف القرآن الكريم ومقصده حينما استعمل هذه الألفاظ ، وهذه الطريقة لا تنسجم مع ألفاظ وتراكيب الكتاب الكريم الذي يحمل صفة الشمولية والتعدد في مقاصده التي ضمّنها في آياته ، ولعل لفظة ( الأميّ ) التي وصف بها الرسول (J)  من هذه الألفاظ التي لم تأخذ مساحتها من الدلالات المتعددة واكتفى المفسرون بذكر معنى ( الذي لا يحسن القراءة ولا يحسن الكتابة ) والذي يعدّ الأضعف من دلالاتها ، وهذا المعنى تبناه كثير من المفسرين وأبرزوه على حساب المعاني الأخرى التي تحتملها هذه اللفظة ممّا أساء إلى مقام النبوة مخالفين صورة النبي (J) النموذج السامي التي قدّمها القرآن الكريم  .هذا البحث محاولة لبيان المعاني التي تحتملها لفظة ( الأميّ ) عبر ما تقدمه اللغة العربية وقوانينها من معطيات معجمية ونحوية تسهم في بيان حقيقة التصور المغلوط الذي انبني على أساس الأخذ بجانب من المعنى واهمال الجوانب الأخرى ، فضلا عمّا قدمه القرآن الكريم من قرائن توضح المقصد القرآني من استعمال هذه اللفظة عبر المعطيات اللغوية على وفق نظام اللغة العربية ، وذلك عبر محورين : الأول : يتناول تتبع معنى ( الأميّ ) عند المفسرين وتعدده عندهم وبيان صورة إهمالهم لهذا التعدد بعدم تبنيه مما جعل معنى ( لا يحسن القراءة ولا يحسن الكتابة ) من المعاني التي لا تليق بمقام النبوة . الثاني : يتناول الجانب النحوي الذي يسهم في توضيح المقصود بـ( الأميّ ) عبر الآراء النحوية واللغوية لهذه اللفظة ، فضلا عن القرائن القرآنية التي توضح المقصد .